يشهد العالم اليوم تعقيدات سياسية غير مسبوقة، تتجلى في صراعات متعددة الأوجه والأبعاد. في هذا السياق، قدم المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير خلال حديثه مع موقع Le 7TV، رؤية شاملة للأوضاع السياسية الراهنة، مع التركيز على دور القوى الكبرى في توجيه الأحداث في منطقة الساحل والصحراء وغيرها من مناطق العالم.
المشهد السياسي العالمي: تعقيد السطح وبساطة العمق
يرى المحلل السياسي أن التعقيدات السياسية التي نعيشها اليوم ليست سوى مظهر خارجي، بينما يكمن في العمق تفسير بسيط يتمثل في الصراعات الداخلية للقوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. بعد سقوط جدار برلين، أصبحت الولايات المتحدة “سيدة العالم”، وبالتالي فإن فهم تناقضاتها الداخلية يشكل مفتاحا لفهم الأوضاع السياسية العالمية.
الصراع الداخلي في أمريكا: المجمع العسكري ضد المدني
بحسب بلكبير، فإن التناقض الرئيسي في أمريكا يدور بين المجمع الصناعي العسكري الذي تقوده وكالة المخابرات المركزية (CIA)، والمجمع الصناعي المدني الذي يسعى للخروج من الأزمات الاقتصادية بوسائل سلمية بعيدا عن الحروب. هذا التناقض ينعكس على السياسة الخارجية الأمريكية، حيث تعمل إحدى الأطراف على إشعال الحروب وافتعال الصراعات، بينما تسعى الأخرى إلى استثمار السلام والتعاون.
تأثير الصراعات الأمريكية على منطقة الساحل والصحراء
يعتقد المحلل السياسي أن الولايات المتحدة استخدمت منطقة الساحل والصحراء كأداة لتحقيق استراتيجياتها، سواء من خلال زعزعة الاستقرار أو افتعال الأزمات. قضية الصحراء المغربية، التي تعتبر نموذجا لهذه السياسة، لم تكن مدفوعة فقط بدوافع إقليمية مثل الجزائر أو ليبيا، بل كانت نتيجة مباشرة لاستراتيجيات أمريكية معقدة.
التحالفات الدولية: بين الفشل والنجاح
مع صمود المغرب في وجه هذه الاستراتيجيات، ونجاحه في بناء تحالفات دولية قوية، استطاع فرض معادلة جديدة تقوم على التعاون الإقليمي والدولي. في المقابل، فشلت الجزائر في تحقيق مكاسب استراتيجية نتيجة اعتمادها على سياسات دفاعية ضيقة وانخراطها في استراتيجيات المجمع الصناعي العسكري الأمريكي.
مستقبل المنطقة: بين التفكك والوحدة
يرى بلكبير أن مستقبل المنطقة يتوقف على قدرة دولها على تحقيق الوحدة والاستقرار. المغرب، من خلال نهجه التعاوني واستثماره في التنمية والعلاقات الدولية، يمثل نموذجا يحتذى به. في المقابل، تواجه الجزائر تحديات كبرى نتيجة سياساتها التي تخدم مصالح قوى دولية على حساب استقرار المنطقة.
في النهاية، يقدم تحليل عبد الصمد بلكبير رؤية عميقة للتشابكات السياسية التي تحكم العالم اليوم. ويؤكد أن السبيل الوحيد لتحقيق استقرار المنطقة هو تبني سياسات عقلانية تخدم مصالح الشعوب، بعيدا عن التبعية للقوى الكبرى والصراعات المفتعلة.
فاطمة الزهراء الجلاد.