محكمة البيضاء ترد على متهم في قضية “إسكوبار الصحراء”: “الناصيري كان حاضرًا غير في مخيلتك؟”
في تطور جديد داخل أروقة غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، شهدت جلسة الجمعة فصلاً آخر من فصول محاكمة المتورطين في ملف “إسكوبار الصحراء”، حيث قرر دفاع سعيد الناصيري، الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، اتخاذ خطوة غير مسبوقة بالانتصاب طرفًا مدنيًا ضد رجل الأعمال فؤاد اليزيدي.
الناصيري، المتهم بدوره في الملف، اعتبر أنه تضرر من التصريحات التي أدلى بها اليزيدي أمام المحكمة، ما دفع دفاعه إلى تقديم الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك أداء الرسم الجزافي، لإثبات موقفه كطرف مدني. غير أن هذه الخطوة أثارت اعتراض دفاع اليزيدي، الذي اعتبرها غير قانونية، إذ لا يجوز لمتهم أن ينتصب طرفًا مدنيًا ضد متهم آخر في نفس الملف، فيما أيد ممثل النيابة العامة قانونية الإجراء، لتقرر المحكمة ضم الجواب للموضوع ومنح الطرف المدني حق توجيه الأسئلة.
الجلسة لم تخلُ من المفاجآت، حيث استعرضت المحكمة عقود بيع شقق في مدينة السعيدية، كان أطرافها سعيد الناصيري، ورجل الأعمال فؤاد اليزيدي، والمالي الملقب بـ”إسكوبار الصحراء”. اليزيدي، الذي تكلف بعملية البيع بتفويض من الناصيري، حاول إقناع المحكمة بأن الأخير كان حاضرًا في كل مراحل البيع ووقع العقود بنفسه، غير أن القاضي قاطعه بسؤال ساخر: “الناصيري كان حاضرًا غير في مخيلتك؟”، في إشارة إلى غياب أي دليل مادي يثبت ذلك.
أكثر من ذلك، استفسرت المحكمة اليزيدي حول سبب تسلمه أموال المشترين رغم تأكيده أنه لم يكن وسيطًا في العملية، فرد قائلاً إنه كان مجرد مستثمر دخل إلى المغرب، وأن البيع تم بطريقة قانونية، مستغربًا الاتهامات الموجهة إليه.
أما عن سبب عدم توثيق التعاملات المالية بالشكل اللازم، فقد حاول اليزيدي تبرير ذلك بثقته في الأشخاص المتورطين في الصفقة، مشيرًا إلى أن من جلب المشترين كان رئيس الأمن الإقليمي آنذاك، متسائلًا باستغراب: “كيف يمكنني أن ألعب مع شخص يتحكم في منطقة السعيدية بأكملها؟”.
كما كشف المتهم أنه تعرف على الناصيري سنة 2013 عن طريق عبد النبي بعيوي، وأن الأخير كلفه صيف 2014 ببيع الشقق موضوع النزاع عبر مكالمة هاتفية. وأضاف أن يوم البيع شهد لقاءً داخل مكتب الموثقة، حيث التقى الناصيري، وإسكوبار المالي، وتم تسليم شيك بنكي قبل أن يغادر الجميع إلى وجدة لاستكمال التسليم.
لكن ما أثار الجدل هو كيفية قيام الناصيري بشراء الشقق وبيعها في اليوم نفسه، وهو ما دفع المحكمة لاستجواب اليزيدي عن معرفته الحقيقية بملكية العقارات، فأكد أنه كان يعتقد أنها في ملك الناصيري ولم يكن يعلم بارتباطها ببارون المخدرات المالي.
بعد هذه التصريحات المتضاربة، طالب دفاع الناصيري بمواجهة مباشرة بين موكله وفؤاد اليزيدي لكشف الحقائق، لكن المحكمة قررت تأجيل البت في الطلب إلى حين الاستماع للناصيري، ما يفتح الباب أمام مزيد من التطورات في هذه القضية المثيرة للجدل.