في سياق الجهود الدولية لتعزيز حقوق المرأة وتمكينها اقتصاديا، ترأست وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، نعيمة ابن يحيى، اجتماعا رفيع المستوى بنيويورك، حيث ناقش المشاركون الدور المحوري للمرأة في التنمية السوسيو-اقتصادية، وذلك على هامش الدورة الـ69 للجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، المنعقدة من 10 إلى 21 مارس الجاري.
تجربة مغربية في التمكين الاقتصادي
يأتي هذا الحدث، الذي نظمته وزارة التضامن المغربية بتعاون مع المملكة العربية السعودية وصندوق الأمم المتحدة للسكان، كفرصة لاستعراض التجربة المغربية في مجال التمكين الاقتصادي للنساء، والاستفادة من التجارب الدولية، لا سيما تجربة السنغال، ضيف شرف الدورة، والمملكة العربية السعودية.
وفي كلمتها، أكدت الوزيرة نعيمة ابن يحيى أن المغرب شهد خلال السنوات الأخيرة إصلاحات تشريعية وسياسية لتعزيز المساواة بين الجنسين، مشيرة إلى أن هذه الجهود تأتي في إطار التوجيهات الملكية السامية، التي وضعت النهوض بوضعية المرأة في صلب الأولويات الوطنية.
كما أبرزت أن دستور 2011 شكل نقطة تحول في هذا المسار، حيث كرس مبدأ المساواة وضمان الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين على قدم المساواة.
برامج ومبادرات لدعم المرأة
استعرضت الوزيرة خلال الاجتماع مجموعة من البرامج التي تهدف إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، من بينها:
– برنامج التمكين والريادة، الذي يسعى إلى تسهيل وصول النساء إلى سوق العمل وتعزيز قدراتهن في ريادة الأعمال.
– المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي ساهمت في إطلاق مشاريع مدرة للدخل، ودعمت التعاونيات الفلاحية والصناعية، إلى جانب جهودها في محاربة الأمية والتكوين المهني.
– توسيع الحماية الاجتماعية، لضمان وصول الفئات الهشة إلى الموارد والخدمات الأساسية، وهو ما انعكس إيجابيا على النساء في مختلف المناطق.
إشادة دولية ودعم أممي
حظيت التجربة المغربية بإشادة واسعة من ممثلي المنظمات الدولية، حيث نوهت ميراي ساندر، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالجهود التي يبذلها المغرب لتعزيز الإدماج الاقتصادي للنساء ومكافحة الهشاشة، مؤكدة استعداد الأمم المتحدة لدعم هذه المبادرات.
من جهتها، أثنت سينثيا سامويل أولونجوون، ممثلة منظمة العمل الدولية، على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال تعزيز العمل اللائق وتمكين النساء، معربة عن رغبة المنظمة في مواصلة التعاون مع المملكة.
دور البرلمان في تعزيز المساواة
لطيفة الشريف، رئيسة الوفد البرلماني المغربي المشارك، استعرضت دور المؤسسة التشريعية في ترسيخ مبادئ المساواة، مشيرة إلى إطلاق مجموعات عمل برلمانية لمتابعة قضايا المرأة، من بينها مجموعة تعنى بتقييم تنفيذ القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.
وأكدت أن البرلمان المغربي لا يقتصر دوره على التشريع، بل يشمل أيضا مراقبة تنفيذ السياسات العمومية وتقييم أثرها على تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعيا.
شراكات وتعاون دولي
شهد الحدث مشاركة رفيعة المستوى، من بينها وزيرة الأسرة والتضامن السنغالية، ميمونة ديي، والجوهرة بنت فهد آل سعود من المملكة العربية السعودية، إلى جانب مسؤولين أمميين وخبراء دوليين.
وعلى هامش المنتدى، عقدت الوزيرة ابن يحيى اجتماعات ثنائية مع عدد من المسؤولين الدوليين، من بينهم رئيسة لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز ضد المرأة (سيداو)، نهلة حيدر، والوزيرة البريطانية المكلفة بالمساواة، سيما مالوترا، لمناقشة آفاق التعاون وتبادل التجارب في مجال تمكين النساء.
يشكل هذا الحدث محطة مهمة في تعزيز الشراكات الدولية للنهوض بالمرأة، حيث أكد المشاركون على ضرورة تكثيف الجهود لضمان مشاركة النساء الفعالة في الاقتصاد وتعزيز المساواة، ليس فقط كهدف تنموي، ولكن أيضا كعامل أساسي لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
وبهذا، يواصل المغرب السير بخطى ثابتة نحو تعزيز دور المرأة في المجتمع والاقتصاد، مستندا إلى رؤية إصلاحية تدعمها الإرادة السياسية والشراكات الدولية، مما يجعله نموذجا إقليميا يحتذى به في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة.
فاطمة الزهراء الجلاد.