في خطوة هامة لتطوير المنظومة القانونية المغربية، نظمت فرق الأغلبية بمجلس النواب لقاء دراسيا يوم أمس الخميس، تركز على مستجدات مشروع القانون رقم 03.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 بشأن المسطرة الجنائية. هذا اللقاء يهدف إلى تعزيز النقاش العمومي حول مشروع القانون وتوفير منصة حوارية داخل مجلس النواب لتبادل الآراء والمقترحات المختلفة.
في افتتاح اللقاء، أكد منسق فرق الأغلبية في مجلس النواب، السيد شاوي بلعسال، على أهمية هذا المشروع في مواكبة التحولات الاجتماعية والقانونية التي شهدها المغرب في العقدين الأخيرين. وأوضح أن المشروع يأتي كضمانة لتعزيز الثقة في القضاء، مشددا على أنه تم التعاطي معه بجدية وحياد، مع الحفاظ على توازن بين حماية المجتمع وحقوق الأفراد.
من جانبه، صرح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أن مشروع قانون المسطرة الجنائية هو نتاج اجتهاد بشري، حيث لم تكن صياغته قرارا فرديا بل تم ضمن إطار تشريعي موسع يشمل مختلف الفاعلين. وأشار إلى أن أي نص قانوني جديد يواجه عادة اعتراضات بسبب اختلاف مصالح الأطراف المعنية، مما يفرض أحيانا تقديم تنازلات للتوصل إلى صيغة توافقية.
وفي حديثه عن بعض بنود مشروع القانون، أشار السيد وهبي إلى الآلية المقترحة لتسجيل التصريحات السمعية البصرية للمشتبه فيهم خلال التحقيقات. وأوضح أن هذا البند لا يزال محل نقاش، خصوصا حول إمكانية اعتماده في جميع مراحل التحقيق ومدى قبوله كوسيلة إثبات قانونية.
من جهة أخرى، سلطت فاطمة بركان، الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، الضوء على القضايا المتعلقة بحماية الأحداث في مشروع القانون. وأكدت أن النص يعكس اهتماما خاصا بهذه الفئة، رغم وجود إمكانية لتحسين بعض الإجراءات المتعلقة بحمايتهم، مثل تشجيع مسطرة الصلح ووقف سريان الدعوى لتسهيل إدماج الحدث في المجتمع.
كما أبرز محمد شوكي، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار، أن مشروع القانون لا يمثل مجرد تعديل تشريعي جزئي، بل هو جزء من رؤية سياسية شاملة تهدف إلى بناء منظومة عدالة فعالة. وأشار إلى أن المشروع جاء نتيجة مشاورات طويلة مع مختلف الأطراف المعنية.
أما أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، فسلط الضوء على أهمية المشروع في سياق خطة الحكومة لتطوير التشريع الجنائي. ولفت إلى أن التعديلات تكتسب أهمية خاصة في ما يتعلق بتعريف السياسة الجنائية كجزء من السياسات العامة للدولة في مكافحة الجريمة.
بدوره، اعتبر علال العمروي، رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، أن المشروع جزء من التزام الحكومة بتعزيز العدالة في خدمة المواطن، بما يتماشى مع رؤية جلالة الملك محمد السادس.
وفي ختام اللقاء، دعا الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، إلى تعزيز ضمانات المحاكمة العادلة، مشيرا إلى ضرورة منح المحامي حقوقا أكبر، مثل حضور التحقيقات وتوفير حق الاطلاع على الوثائق المتعلقة بالقضية، بما يساهم في تحقيق التوازن بين الدفاع والاتهام.
من خلال هذا اللقاء، يتضح أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يشكل خطوة نحو تحديث النظام القضائي المغربي وتعزيز حقوق الإنسان في إطار مكافحة الجريمة.
فاطمة الزهراء الجلاد.