في عالم السياسة، لا تُمنح الدبلوماسية دائمًا فرصة لإنهاء الجُمل. أحيانًا، يكون الردّ حاسمًا ومباشرًا: “أنت غير مرغوب فيك”. هذا بالضبط ما حدث مع سفير جنوب إفريقيا لدى واشنطن، إبراهيم رسول، الذي وجد نفسه خارج الدوائر الدبلوماسية الأمريكية بقرار صارم من وزير الخارجية ماركو روبيو، متهمًا إياه بـ”كراهية البلاد ورئيسها دونالد ترامب”. القرار، الذي جاء على شكل تغريدة حادّة، يعكس كيف أصبحت العلاقات الدولية تخضع لمنطق السرعة والمواجهة العلنية بدلًا من القنوات الخلفية المعتادة.
إعلان الطرد لم يأتِ عبر بيان دبلوماسي تقليدي، بل عبر منشور على منصة “إكس”، حيث كتب روبيو: “ليس لدينا ما نناقشه معه، وبالتالي فهو شخص غير مرغوب فيه”، مضيفًا أن السفير المطرود “يؤجج التوترات العرقية”. هذه اللهجة الحادة تكشف عن نهج جديد في السياسة الخارجية الأمريكية، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة لإعلان القرارات الدبلوماسية بدلًا من البيانات الرسمية المطولة.
جنوب إفريقيا، التي لم تصدر بعدُ ردًّا رسميًا، قد تجد نفسها في موقف صعب. فالعلاقات بين البلدين لم تكن دائمًا على وفاق، خاصة في ظل تباين مواقفهما تجاه القضايا الدولية، مثل الصراع في الشرق الأوسط والعقوبات على روسيا. طرد سفيرها من واشنطن قد يُنظر إليه كتصعيد غير مسبوق، مما يطرح تساؤلات حول كيفية رد بريتوريا على هذه الخطوة.
في المقابل، يرى مراقبون أن القرار يعكس توجه الإدارة الأمريكية الحالية نحو تبني سياسة أكثر تشددًا تجاه الشخصيات الدبلوماسية التي تعارض توجهاتها. فبينما كان الطرد الدبلوماسي في السابق يتم بصمت وبحسابات دقيقة، أصبح اليوم يُستخدم كأداة ضغط علنية، لا تخلو من رسائل سياسية موجّهة، سواء للداخل الأمريكي أو لحلفاء واشنطن وخصومها على حد سواء.
يبقى السؤال: هل سيتوقف الأمر عند هذا الحد، أم أن جنوب إفريقيا سترد بالمثل، مما قد يؤدي إلى أزمة دبلوماسية بين البلدين؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة، لكنها بالتأكيد تُثبت أن عصر الدبلوماسية الهادئة قد ولّى، وحلّ محلّه زمن القرارات الصاخبة والمعلنة عبر تغريدات لا تعرف المجاملة.