في خطوة تعكس استمرار التعاون بين المغرب وروسيا في مجال الصيد البحري، أبرمت الدولتان اتفاقية جديدة تمتد لأربع سنوات، لتحل محل الاتفاقية السابقة التي انتهت صلاحيتها بنهاية عام 2024. وتتيح هذه الاتفاقية للصيادين الروس إمكانية صيد ما يصل إلى 80,000 طن متري من الأسماك داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب خلال عام 2025، مع التركيز على أنواع مثل السردين، والسردينيلا، والماكريل، والأنشوجة.
تعزيز التعاون البحري بين البلدين
أكد إيليا شيستاكوف، رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك “روسريبولوفستفو”، أن الحكومة الروسية تلقت مسودة الاتفاقية الجديدة للموافقة عليها، مشيرا إلى أن الوثيقة تتضمن خيار تمديدها لأربع سنوات إضافية، مما يعزز الاستقرار في التعاون البحري بين البلدين.
ولا تقتصر الطموحات الروسية على الاتفاق مع المغرب، إذ تسعى موسكو إلى توسيع نشاطها في مجال الصيد البحري داخل القارة الإفريقية. ففي غشت 2024، أطلقت روسيا مبادرة “البعثة الإفريقية الكبرى”، وهي حملة تهدف إلى مسح مخزون الأسماك في 19 دولة إفريقية، بهدف تأمين حقوق صيد إضافية وزيادة حصتها من الموارد البحرية.
المغرب بين المصالح الاقتصادية والتحديات البيئية
تشكل هذه الاتفاقية جزءا من سياسة المغرب لتنظيم استغلال ثرواته البحرية من خلال شراكات دولية، حيث يعكس هذا التعاون اهتمام المغرب بتطوير قطاع الصيد البحري والاستفادة من العوائد الاقتصادية المرتبطة به. ومع ذلك، يطرح الاتفاق تساؤلات حول تأثيره على المخزون السمكي المحلي، ومدى التزام الأطراف المعنية بضمان استدامة الموارد البحرية.
توسع روسي في إفريقيا: خطوة استراتيجية؟
من منظور روسي، تمثل هذه الاتفاقية امتدادا لاستراتيجيتها لتعزيز وجودها الاقتصادي في إفريقيا، خاصة في قطاع الصيد البحري الذي يعد مصدرا حيويا للأمن الغذائي والتجارة. ويؤكد شيستاكوف أن نتائج الدراسات الجارية ضمن “البعثة الإفريقية الكبرى” قد تتيح لروسيا الحصول على حقوق صيد في مناطق بحرية جديدة داخل القارة، ما يعزز من إنتاجها في هذا القطاع.
التحديات المستقبلية
مع تزايد الطلب على الموارد البحرية عالميا، يظل التحدي الأكبر هو تحقيق توازن بين الاستغلال التجاري للثروات البحرية وضمان استدامتها للأجيال القادمة. فبينما تعزز مثل هذه الاتفاقيات التعاون الاقتصادي بين الدول، يتوجب على المغرب وروسيا اتخاذ إجراءات لضمان ألا يؤدي هذا الاستغلال إلى استنزاف الموارد البحرية أو الإضرار بالنظام البيئي البحري.
وبين الفرص الاقتصادية والتحديات البيئية، هل ستنجح هذه الشراكة في تحقيق تنمية مستدامة تحافظ على المصالح الاقتصادية والبيئية في آن واحد؟
فاطمة الزهراء الجلاد.