نادية فتاح: الاستدامة المالية والإصلاحات الاجتماعية في المغرب رؤية حكومية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي

نادية فتاح: الاستدامة المالية والإصلاحات الاجتماعية في المغرب رؤية حكومية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي
تسعى الحكومة المغربية، من خلال برمجة ميزانياتها للفترة 2025-2027، إلى تحقيق استدامة مالية متوازنة، عبر تخفيض عجز الميزانية وتقليص حجم الدين العام. هذا ما أكدته وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، خلال عرض قدمته أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، حيث شددت على التزام الحكومة بتخفيض نسبة مديونية الخزينة إلى أقل من 67% بحلول عام 2027.
استراتيجية مالية لضبط التوازنات
وأوضحت الوزيرة أن نجاح هذه الرؤية المالية يعتمد على ضبط المالية العمومية، من خلال مشروع إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، الذي يهدف إلى تحديد مستوى مستهدف للمديونية، وإلزام السلطات العمومية بضبط النفقات وتعزيز المداخيل. واعتبرت أن هذا التوجه سيضمن تحقيق هوامش مالية قادرة على دعم المشاريع الكبرى، وعلى رأسها ورش الحماية الاجتماعية.
كما أكدت أن السياسة الميزانياتية الفعالة، إلى جانب التحكم في مستوى المديونية، يشكلان حجر الأساس للاستدامة المالية، التي تعتبر ركيزة أساسية لضمان تمويل السياسات العمومية، خاصة في ظل التحديات والالتزامات الكبرى التي تبنّتها الحكومة.
تمويل مستدام لورش الحماية الاجتماعية
وعلى صعيد الحماية الاجتماعية، أشارت فتاح إلى أن الاستراتيجية التمويلية المعتمدة ساهمت في تعبئة موارد مالية مهمة، حيث تم توفير حوالي 15 مليار درهم من خلال إصلاح وترشيد أكثر من 100 برنامج اجتماعي، إضافة إلى تحصيل 11 مليار درهم من المداخيل الجبائية، وتخصيص تحويلات مالية لدعم صندوق الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي.
كما ساهم إصلاح صندوق المقاصة في توجيه الهوامش المالية لتعزيز موارد الصندوق، إلى جانب تفعيل المساهمة الإبرائية على الممتلكات والموجودات بالخارج. وفي إطار هذا التوجه، تم تخصيص أكثر من 71 مليار درهم بين 2023 و2025 لتمويل ورش الحماية الاجتماعية، مع ضمان استمرارية وجودة الخدمات دون المساس بالتوازنات المالية للدولة.
تحسن في الأداء المالي وتقليص العجز
من جهة أخرى، سجلت الوزيرة تحسنا في تحصيل المداخيل الجارية لسنة 2024، متجاوزة التوقعات الأولية لقانون المالية، في حين شهدت النفقات استمرارية في دعم الاستثمار وتنفيذ البرامج الاجتماعية. كما أشارت إلى انخفاض عجز الميزانية بـ 0.5 نقطة من الناتج الداخلي الخام مقارنة بسنة 2023، ما يعكس نجاعة السياسات المتبعة في ترشيد الإنفاق العام وتعزيز الموارد المالية.
توسع الضمان الاجتماعي وتحسين الخدمات
وفي سياق متصل، كشف المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن بوبريك، عن ارتفاع عدد المستفيدين من الضمان الاجتماعي إلى 24.7 مليون مستفيد نهاية عام 2024، مع تطور ملحوظ في نظام التغطية الصحية. وأشار إلى أن الصندوق استقبل يوميا أكثر من 110 آلاف ملف للاستفادة من خدماته خلال 2024، ما دفعه إلى اعتماد خطة عمل طموحة تهدف إلى توسيع تمثيليته وتحسين جودة الخدمات الرقمية وتقليص آجال معالجة الملفات، التي وصلت إلى 9 أيام فقط.
وفي إطار الجهود لتعزيز الدعم الاجتماعي، أكد بوبريك أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قام بصرف 24.2 مليار درهم لصالح 3.9 مليون أسرة مستفيدة من نظام الدعم الاجتماعي المباشر، مع ضمان تدقيق دوري للتحقق من الأهلية.
إصلاحات لضمان شفافية واستدامة النظام الاجتماعي
وبشأن تحسين الإطار القانوني للضمان الاجتماعي، أوضح بوبريك أن مشروع تعديل القانون المنظم للصندوق يهدف إلى تعزيز الشفافية، وضمان الاستدامة المالية، وتحسين أوضاع الأجراء. كما تم تنفيذ مجموعة من التدابير لتيسير أداء الاشتراكات، بما في ذلك الإعفاء من الغرامات المتراكمة، وتبسيط إجراءات التشطيب، إضافة إلى اعتماد آلية جديدة للإشعار لدى الغير، لضمان تحصيل المستحقات بفعالية.
رؤية شاملة لتحقيق التوازن بين الاستدامة المالية والعدالة الاجتماعية
تأتي هذه الإصلاحات في إطار رؤية متكاملة تسعى إلى تحقيق التوازن بين الاستدامة المالية وتعزيز العدالة الاجتماعية، من خلال سياسات تمويلية محكمة وتدابير تنظيمية تهدف إلى تأمين مصادر التمويل للمشاريع الاجتماعية الكبرى. ورغم التحديات الاقتصادية، تؤكد الحكومة التزامها بالحفاظ على الاستقرار المالي وضمان تمويل مستدام للسياسات العمومية، بما يخدم التنمية الشاملة للمغرب.
فاطمة الزهراء الجلاد.