تعيينات ملكية جديدة تعيد رسم ملامح الحكامة بالمغرب

تعيينات ملكية جديدة تعيد رسم ملامح الحكامة بالمغرب

حينما تتغير الأسماء، فالأمر لا يتعلق بمجرد تدوير للمناصب، بل برهانات أعمق تتجاوز الأشخاص إلى إعادة ضبط بوصلة الأداء المؤسساتي. اليوم، الاثنين 24 مارس 2025، شهد المغرب تعيينات ملكية جديدة على رأس مؤسسات دستورية محورية، في خطوة تحمل في طياتها رسائل واضحة حول المرحلة المقبلة. التحديات كبيرة، والمطلوب أكثر من مجرد تولي المناصب، بل إعادة تعريف دور هذه المؤسسات في مواجهة رهانات التنمية، النزاهة، والحكامة الجيدة.

في صدارة هذه التعيينات، تم تعيين عبد القادر عمارة رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وهو منصب يضعه أمام تحديات استراتيجية في بلورة سياسات تنموية شاملة. أما محمد بنعليلو، الذي أسندت إليه رئاسة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فسيكون أمام مسؤولية ثقيلة في ترسيخ ثقافة الشفافية وإعادة بناء الثقة في المؤسسات. وفي السياق ذاته، جاء تعيين حسن طارق وسيطًا للمملكة ليؤكد أهمية تعزيز قنوات الحوار بين المواطن والإدارة، في ظل مطالب متزايدة بالإنصاف والعدالة الإدارية.

هذه التعيينات ليست مجرد تغييرات بروتوكولية، بل تحمل دلالات عميقة حول توجه الدولة نحو إعادة هيكلة الأداء المؤسسي، بما يواكب التحولات الوطنية والدولية. فاختيار الشخصيات التي راكمت خبرات في ميادين تخصصها يعكس توجها نحو الفعالية والنجاعة بدلًا من المقاربات الشكلية.

ويأتي هذا الحرك الملكي في سياق دولي يتسم بتحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، ما يضع المغرب أمام ضرورة تقوية مؤسساته وإعادة ضبط آليات اشتغالها. فالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مطالب أكثر من أي وقت مضى بتقديم حلول مبتكرة لمعضلات التنمية، بينما تجد هيئة محاربة الرشوة نفسها أمام امتحان عسير لترجمة الإرادة السياسية إلى إجراءات ملموسة. وفي المقابل، سيكون على مؤسسة وسيط المملكة أن تعيد تعريف علاقتها بالمواطن، بعيدًا عن الحلول الإدارية الكلاسيكية التي لم تعد تجدي نفعًا.

التغييرات في رأس المؤسسات ليست غاية في حد ذاتها، بل بداية مسار جديد من العمل المؤسسي الذي سيقاس بمدى تأثيره في حياة المغاربة. التحديات كثيرة، والطريق إلى تحقيق نتائج ملموسة لن يكون مفروشًا بالورود. لكن في كل الأحوال، يبدو أن عقارب الإصلاح تتحرك، والسؤال الأهم: هل ستصل إلى الوجهة المرجوة؟