في قلب الدار البيضاء، حيث تعج الشوارع بالحركة ويصارع الراجلون لانتزاع موطئ قدم على الأرصفة، ينبثق مشهد غير مألوف: ماكدونالدز جوج مارس، ليس فقط كعلامة مضيئة لعشاق الوجبات السريعة، ولكن ككيان يمد أذرعه الحديدية ليبتلع الملك العمومي دون أدنى مقاومة.
المطعم، في تحدٍّ واضح لقواعد التعايش الحضري، احتل جزءًا من الرصيف بطاولات وكراسٍ، مكرّسًا واقعًا جديدًا: من أراد العبور، فليبحث عن بديل، حتى لو كان ذلك يعني المشي جنبًا إلى جنب مع السيارات المسرعة. المواطنون، بين متذمر وصامت على مضض، يشاهدون الرصيف يتحول تدريجيًا إلى امتداد خاص للمطعم، وكأن الشارع لم يعد ملكًا عامًا، بل مجرد ملحق تجاري تحت تصرف أصحاب الامتياز.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين القانون؟ أين السلطات المحلية التي يُفترض بها السهر على حماية الفضاءات العمومية؟ أم أن اسم “ماكدونالدز” يمنح امتيازات خاصة تعفيه من المحاسبة؟
في مدينة تختنق اختناقًا مروريًا، وتضيق فيها الأرصفة تحت وطأة الاستغلال العشوائي، يبدو أن احتلال الملك العمومي أصبح امتيازًا يُمنح للأقوياء. والمواطن؟ مجرد عابر يبحث عن مسارٍ لم يُبع بعد.