أصدر الباحث المغربي نور الدين بلكودري، المتخصص في تحليل الخطاب والأشكال الثقافية، كتابًا جديدًا بعنوان “المجتمع الروائي والتعدد الإيديولوجي”، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر لعام 2024. يتناول الكتاب فكرة أن الرواية ليست مجرد عمل أدبي، بل هي مجتمع لساني ولغوي يعكس التحولات الاجتماعية والصراعات الأيديولوجية بين الفئات المختلفة.
يركز بلكودري في دراسته على رواية “بعيدًا من الضوضاء قريبًا من السكات” للكاتب محمد برادة، ساعيًا إلى قياس مدى استجابة التخييل الروائي المغربي للتحليل السوسيولوجي، ومدى تفاعل المنهج الغربي في سوسيولوجيا الرواية، خاصة عند بيير زيما، مع النص المغربي بشروطه الإنتاجية الخاصة.
يؤكد الباحث أن الرواية تمثل فسيفساء لغوية واجتماعية، حيث تمتلك كل شخصية لغتها ولهجتها الخاصة، مما يعكس الانتماءات الثقافية والسياسية داخل المجتمع. كما يرى أن التحولات المجتمعية تتجلى في الرواية عبر بنياتها اللغوية، مما يطرح تساؤلات حول مدى قدرتها على التعبير عن التركيبة المجتمعية المغربية.
ولتحقيق ذلك، استند بلكودري إلى دراسات سابقة في مجال سوسيولوجيا الرواية، إلا أنه وجد ندرة في الأبحاث التي تتناول هذا الموضوع بعمق، مما دفعه إلى الانفتاح على حقول معرفية أخرى مثل الأيديولوجيا، التاريخ، والدراسات الثقافية.
يبرز الكتاب كيف تعكس الرواية المغربية التحولات السياسية والقيمية التي شهدها المغرب الحديث، بدءًا من عام 1931 إلى غاية ثورات الربيع العربي، وما تبعها من اضطرابات وصدامات بين أجيال متشبعة بالقيم الغربية وأخرى تؤمن بالتحرر والهوية الثقافية المغربية.