لم تكن “مدارس الريادة” مجرد مبادرة تعليمية أخرى تضاف إلى قائمة المشاريع الإصلاحية، بل تجربة مدروسة ومستندة إلى معايير بيداغوجية دقيقة، تستهدف تحسين جودة التعلمات الأساسية عبر مناهج تعليمية حديثة، وأسلوب تدريس يراعي قدرات التلاميذ.
وفقًا لدراسة تقييمية مستقلة، حقق التلميذ المتوسط في مدارس الريادة نتائج أفضل من 82% من أقرانه في المدارس غير المنخرطة في المشروع. بمعنى آخر، هناك قفزة نوعية في مستوى التحصيل الدراسي، خاصة في مواد اللغة العربية، الرياضيات، واللغة الفرنسية.
بناءً على هذه النتائج الإيجابية، أعلنت وزارة التربية الوطنية عزمها توسيع نطاق المشروع ليشمل 2000 مدرسة إضافية، مما يعني أن أكثر من 1.3 مليون تلميذ سيستفيدون من هذا النموذج التعليمي خلال السنوات القادمة.
لكن، وكما هو الحال مع أي مشروع إصلاحي، يواجه التعميم تحديات لا يمكن إنكارها. أبرزها التمويل، وتأهيل الأطر التربوية، وتوفير الموارد اللازمة لضمان استمرار جودة التعليم بنفس المعايير المعتمدة في المرحلة التجريبية.
منذ سنوات، يعيش التعليم العمومي المغربي أزمة ثقة. العديد من الأسر، حتى ذات الدخل المحدود، باتت تُفضل المدارس الخاصة بحثًا عن تعليم أفضل. السؤال اليوم هو: هل تنجح “مدارس الريادة” في تغيير هذا الواقع؟
المؤشرات الأولية تقول “نعم”، لكن النجاح الحقيقي لن يُقاس فقط بالأرقام، بل بقدرة هذه المدارس على إحداث تحول جذري ومستدام في جودة التعليم العمومي. إن تم ذلك، فسنكون أمام نموذج يُعيد الاعتبار للمدرسة العمومية، لا كمجرد فضاء للتعليم، بل كمؤسسة قادرة على تكوين جيل جديد من التلاميذ المتمكنين من الأساسيات، والقادرين على مواجهة المستقبل بثقة وكفاءة.