مراكش – من 14 إلى 16 أبريل الجاري، تتحول المدينة الحمراء إلى قبلة إفريقية وعالمية للتكنولوجيا، باحتضانها للدورة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”، أحد أكبر الأحداث الرقمية على مستوى القارة، والمنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
ويجسد هذا الحدث البارز، الذي تشرف عليه وزارة التحول الرقمي وإصلاح الإدارة بشراكة مع وكالة التنمية الرقمية، دينامية المغرب في ترسيخ موقعه كمركز قاري للابتكار الرقمي وريادة الأعمال، من خلال استقطاب أزيد من 45 ألف مشارك و1400 عارض من 130 دولة، من ضمنهم 650 مؤسسة حكومية و350 مستثمرًا و660 محاضرًا دوليًا.
وتتوزع فعاليات المعرض على سلسلة من القمم القطاعية والمنتديات المتخصصة، من أبرزها قمة “إفريقيا للاتصالات المستقبلية”، التي تجمع كبار الفاعلين في مجالات الجيل الخامس، والحوسبة السحابية، ومراكز البيانات، في أفق تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتشكيل مستقبل رقمي مشترك للقارة.
المعرض لا يقتصر فقط على عرض أحدث التكنولوجيات، بل يمثل منصة للتلاقح بين الأفكار والتجارب، وتوحيد الرؤى بين الحكومات، المستثمرين، ورواد الأعمال. وفي هذا الإطار، يشكل “استوديو الجالية الإفريقية بالعالم” إحدى أبرز المستجدات، حيث سيمكن من ربط الكفاءات الإفريقية المقيمة بالخارج بالمنظومات التكنولوجية المحلية، عبر تحفيز الاستثمارات وتبادل المعرفة.
وتستهدف فعاليات “جيتكس إفريقيا المغرب” هذا العام دعم القطاعات الحيوية التي باتت التكنولوجيا تلعب فيها دورًا حاسمًا، من خلال التركيز على أربعة مجالات أساسية: التعليم (EdTech)، الزراعة (AgriTech)، الصحة (HealthTech)، والرياضة (SportsTech)، ما يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو تسخير الرقمنة كرافعة للتحول الاجتماعي والاقتصادي في افريقيا.
في سياق يتسم بتجدد زخم التمويل بالقارة، تشهد النسخة الحالية مشاركة مستثمرين كبار مثل المجلس الأوروبي للابتكار، ومؤسسة التمويل الدولية، اللذين يعكسان اهتمامًا متزايدًا بإفريقيا كسوق واعدة للشركات الناشئة. إذ تجاوزت الاستثمارات في هذا القطاع سقف 2 مليار دولار، ما يُعيد التفاؤل بإمكانيات ما بعد الجائحة.
ومن اللحظات القوية التي ينتظرها المتتبعون، منافسات “Supernova Challenge”، التي تعد أكبر مسابقة إفريقية للشركات الناشئة، إلى جانب برنامج “Morocco 200”، الذي يسعى إلى مواكبة 200 مقاولة ناشئة مغربية نحو التوسع العالمي، وهو مشروع يكرس انخراط الدولة في دعم الريادة الوطنية.
لم تغفل التظاهرة الدور المركزي للشباب، حيث خُصص لهم فضاء عرض متكامل يُعد بمثابة نقطة التقاء بين المبتكرين والمستثمرين والزوار، وهو ما يعكس فلسفة المعرض في خلق جيل جديد من رواد التحول الرقمي الإفريقي.
هكذا، يُكرّس “جيتكس إفريقيا المغرب” بمراكش دور المملكة المغربية كفاعل محوري في صياغة مستقبل رقمي للقارة، مستندًا إلى رؤية استباقية، وشراكات استراتيجية، وبيئة حاضنة للابتكار، في وقت تتجه فيه أنظار العالم نحو إفريقيا كمختبر للفرص الرقمية المقبلة.