في خطوة تعكس التوجهات الجديدة للسياسة الاقتصادية الألمانية، كشف أندرياس يان، الرئيس الدولي للاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة، عن سعي بلاده إلى بناء تحالف استراتيجي مع المغرب، في ظل التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
وجاء هذا التصريح خلال “يوم مستقبل المقاولة الصغرى والمتوسطة”، الذي احتضنته العاصمة الألمانية برلين، بمبادرة من الاتحاد، وبمشاركة وفد مغربي رفيع المستوى يضم ممثلين عن مؤسسات اقتصادية واستثمارية بارزة.
وقال يان في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء: “نرغب في بناء تحالف اقتصادي استراتيجي جديد مع المغرب، الذي نعتبره بوابة حيوية نحو القارة الإفريقية، وسوقاً واعدة للاستثمار الألماني.”
وأوضح أن التحولات الجيوسياسية والتجارية، خصوصاً بعد فرض الولايات المتحدة لرسوم جمركية جديدة، تفرض على الاقتصاد الألماني البحث عن أسواق بديلة وآمنة. وفي هذا السياق، برز المغرب كخيار استراتيجي لما يوفره من فرص ومناخ مستقر.
وأشار السياسي الألماني والنائب السابق في البرلمان الفدرالي، إلى تنامي اهتمام المستثمرين الألمان بالسوق المغربية، واصفاً إياها بأنها “منصة لا غنى عنها للوصول إلى الأسواق الإفريقية”، ومشدداً على الدور المحوري للمغرب في سلاسل التوريد والتبادل التجاري بين أوروبا وإفريقيا.
وأكد يان على ضرورة إطلاق مرحلة جديدة من التعاون الألماني-الإفريقي، يكون فيها المغرب شريكاً رئيسياً لتسهيل تمركز الشركات الألمانية في القارة، منوهاً بالاستقرار الذي تنعم به المملكة، والإصلاحات الطموحة التي تنفذها، خاصة في مجالات الطاقات المتجددة، والماء، والتطهير، والصناعات المتقدمة.
وفي هذا السياق، أعلن عن افتتاح مكتب للاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة في الرباط، معتبراً هذه الخطوة تجسيداً عملياً للرغبة في توسيع آفاق التعاون، وتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.
كما أعرب عن أمله في أن يسهم المكتب في دعم مبادرات جديدة، وتيسير انخراط أوسع للمقاولات الألمانية في السوق المغربية، مشيراً إلى استعداد الاتحاد لتنظيم بعثات اقتصادية إلى المملكة، وبلورة مشاريع شراكة طويلة الأمد.
واقترح يان تنظيم نسخة مستقبلية من “يوم مستقبل المقاولة الصغرى والمتوسطة” في المغرب، لما لهذا الحدث من أهمية في تمكين المقاولات من تبادل الخبرات، واستكشاف فرص جديدة للتوسع والنمو.
من جهته، عقد الوفد المغربي المشارك في هذه التظاهرة الاقتصادية سلسلة من اللقاءات مع فاعلين في القطاع الصناعي الألماني ومسؤولين حكوميين، بحثاً عن سبل تعزيز الشراكة الثنائية. كما تمت دعوة الوفد إلى مقر وزارة الخارجية الألمانية، حيث تم التنويه بالإنجازات الاقتصادية التي حققها المغرب، ومناقشة آفاق تطوير العلاقات الاقتصادية.
ولعب الرواق المغربي المنظم تحت علامة “Morocco Now” دوراً محورياً في التعريف بفرص الاستثمار التي تتيحها المملكة، لاسيما في ظل الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، والميثاق الجديد للاستثمار.
يذكر أن “يوم مستقبل المقاولة الصغرى والمتوسطة” يُعد من أبرز الفعاليات الاقتصادية في أوروبا، وقد استقطب هذه السنة أزيد من 6000 مشارك من مختلف القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، الطاقات المتجددة، والهيدروجين الأخضر.
ويحتفل الاتحاد الفدرالي الألماني للمقاولات الصغرى والمتوسطة هذه السنة بذكراه الخمسين، ويضم تحت مظلته أكثر من 900 ألف مقاولة، ممثلة في 32 جمعية مهنية. ويتوفر على شبكة مكاتب دولية تشمل 80 مكتباً عبر العالم، من بينها مكتب المغرب.
فاطمة الزهراء الجلاد.