عاد سعيد الناصري، الوجه المعروف في عالم الكرة والسياسة، إلى خشبة محكمة الاستئناف بالدار البيضاء يومه الجمعة 25أبريل2025، ليس كفاعل في مشهد فني أو رياضي، بل كمُتهم في واحدة من أثقل القضايا التي شغلت الرأي العام: ملف “إسكوبار الصحراء”.
داخل قاعة الجلسات، لم تكن التصريحات عابرة، ولا المحاضر عادية. فالرئيس السابق لنادي الوداد الرياضي والقيادي السابق بحزب الأصالة والمعاصرة وجد نفسه وجهاً لوجه مع صفحات من محاضر الضابطة القضائية، تتحدث عن 15 مليون درهم قيل إنها سُلّمت له داخل مطعم آسوي بالدار البيضاء. اسم المطعم كان “ماي طاي”، والرقم كبير، لكن الناصري رد ببرود: “لا المطعم، ولا التاريخ، ولا الحدث… كلها مجرد حكايات لا تطابق الواقع”،مبررا بأن اسم المطعم هو “ماي تاي”،و ليس “طاي طاي” كما جاء في أقوال المحضر.
الناصري، الذي بدا حريصاً على ضبط كلماته، قلّل من شأن أقوال الشهود، مشيراً إلى “تضارب في التواريخ” و”اختلاق وقائع”. الفيلا التي نُسبت إليها أنشطة مشبوهة، حسب الملف، نفى معرفته بها، وألقى بالمسؤولية على اسم آخر: بلقاسم لمير. بل ذهب أبعد من ذلك حين استند إلى شهادة الفنانة لطيفة رأفت، التي نفت رؤيته في العقار الذي تحول إلى محور للشك والاتهام.
ما بين الاتهام والإنكار، تضغط لائحة ثقيلة من التهم: التزوير، الاتجار الدولي بالمخدرات، النصب، استغلال النفوذ، صفقات مالية مشبوهة، وتأثير محتمل على الشهود. كل تهمة وحدها كافية لقلب حياة رجل، فكيف إذا اجتمعت تحت سقف ملف واحد؟
مع ذلك، كانت هناك إشارات خفيفة في نهاية النفق. فقد أسقط قاضي التحقيق إحدى التهم الجمركية المتعلقة بحركة المخدرات، مما قد يخفف من وطأة الملاحقة القضائية، دون أن يُغير جذرياً من طبيعة القضية المعقدة.
الملف لم ينتهِ بعد. فالروايات متشابكة، والشهادات متضاربة، والوثائق ثقيلة. ما بين سطور المحاضر، ونفي المتهم، وذاكرة الشهود، يرسم القضاء خريطة الحقيقة، بعيداً عن هالة الأسماء أو ماضي الأضواء.
في هذه المرحلة، لا حكم نهائي، ولا يقين قاطع… فقط محكمة تُنصت، ومتهم يتشبث بروايته، وملف مفتوح على كل الاحتمالات.