في خطوة نوعية تعكس التزام المملكة المغربية بتعزيز التعليم الدامج، قامت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء بزيارة عمل متميزة إلى جامعة غالوديت الأمريكية بواشنطن، مرفوقة بوفد رسمي رفيع ضم عدداً من المسؤولين والفاعلين في مجال التعليم والإدماج الاجتماعي. وقد لقيت سموها استقبالاً حافلاً من قبل رئيسة الجامعة روبيرتا كورادنو وعدد من الطلبة المغاربة الملتحقين بالمؤسسة.
هذه الزيارة تأتي في إطار شراكة واعدة بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت، الرائدة عالمياً في تعليم الصم وضعاف السمع، بهدف تبادل الخبرات واستلهام أفضل الممارسات العالمية من أجل تطوير نموذج مغربي فريد في هذا المجال. وتسعى هذه الشراكة إلى جعل المغرب أول دولة إفريقية تحتضن جامعة مخصصة بالكامل للصم، توفر مساراً تعليمياً متكاملاً من الطفولة المبكرة حتى الدكتوراه.
نموذج تعليمي رائد يلهم المغرب
جامعة غالوديت تعد مؤسسة تعليمية فريدة من نوعها عالمياً، حيث تقدم برامج تعليمية متكاملة موجهة خصيصاً للأطفال الصم وضعاف السمع، مستندة إلى مقاربة شاملة تدمج لغة الإشارة بالدعامات البصرية والتكنولوجية، وتفتح آفاق التميز الأكاديمي أمام هذه الفئة. وقد عبّرت الأميرة للا أسماء خلال زيارتها عن إعجابها العميق بهذا النموذج، مؤكدة حرصها على نقل هذه التجربة إلى المغرب، بما يضمن تعليمًا جامعًا ذا جودة عالية لجميع الأطفال، بغض النظر عن قدراتهم السمعية.
جولة ميدانية لتعزيز الفهم والاطلاع
تميز برنامج الزيارة بجولات ميدانية غنية شملت فصولاً دراسية، ومختبر الضوء الحركي المتخصص في إنتاج كتب بصرية داعمة للتعلم، ومركز الطالب الأكاديمي الذي يوفر بيئة تعليمية شاملة ومجهزة بأحدث التقنيات لتيسير ولوج الطلبة الصم إلى المعرفة.
وخلال الزيارة، التقت الأميرة بعدد من الطلبة والأساتذة والباحثين، واطلعت على منهجيات مبتكرة في التعليم والتواصل، لا سيما تلك التي تشجع على المشاركة الفاعلة للأسر في عملية تعليم أطفالهم، وهو ما لقي صدى إيجابياً لدى سموها، التي أبدت اهتماماً خاصاً بتطبيق هذه المقاربة بالمغرب.
توقيع مذكرة تفاهم: خطوة نحو الريادة الإفريقية
وقد توجت هذه الزيارة بتوقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت، تروم تعزيز التعاون في مجالات التكوين والبحث والتبادل الأكاديمي، بما يمكن المغرب من بناء مؤسسة تعليمية رائدة مخصصة للصم. الاتفاقية تمثل لبنة أساسية في مشروع مستقبلي طموح، من شأنه أن يجعل المغرب منصة للابتكار التربوي ومركز إشعاع إفريقي في مجال التعليم الدامج.
التزام شخصي وإرادة قوية
الزيارة أكدت من جديد التزام صاحبة السمو الملكي الأميرة للا أسماء العميق تجاه قضايا الطفولة، خاصة الأطفال في وضعية إعاقة. فقد عبرت عن رؤيتها الواضحة لبناء منظومة تعليمية مغربية دامجة، قوامها الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص. كما شددت على أهمية استثمار المعرفة والخبرة الدوليتين لتطوير بيئة تعليمية تحترم خصوصيات الأطفال وترافقهم نحو مستقبل أفضل.
وتسعى مؤسسة للا أسماء، تحت إشراف سموها، إلى ترجمة هذه الرؤية إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، تسهم في تمكين الأطفال الصم من تحقيق ذواتهم والاندماج الكامل في المجتمع.
الزيارة الملكية لجامعة غالوديت لم تكن مجرد مناسبة بروتوكولية، بل شكلت لحظة مفصلية في مسار التعاون الدولي من أجل التعليم الدامج. وهي تحمل آمالاً كبيرة لمستقبل أطفال المغرب، وتؤكد على مكانة المملكة كفاعل ملتزم بقضايا الطفولة والعدالة الاجتماعية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
فاطمة الزهراء الجلاد.