شرفات أفيلال رائدة العدالة المناخية وحقوق النساء: تقاطعاتٌ تُعزِّزُ الكرامةَ والإنصافَ في مواجهة التحديات العالمية”

شرفات أفيلال رائدة العدالة المناخية وحقوق النساء: تقاطعاتٌ تُعزِّزُ الكرامةَ والإنصافَ في مواجهة التحديات العالمية”

قالت شرفات افيلال رئيسة منتدى المناصفة و المساواة بمناسبة إطلاق مشروع العدالة المناخية وحقوق النساء ، قالت مشروعُنا اليومَ لا يُعالِجُ فقط واحدةً من أكبرِ التحدياتِ التي تُواجِهُ البشريّةَ، وهي التغيراتُ المناخيةُ، بل يتجاوزُ التحليلَ الكلاسيكيَّ ليركّزَ على تقاطعاتٍ خطيرةٍ تمسُّ الحقوقَ الأساسيةَ لنصف المجتمعِ: النساءِ. إنّنا نُقاربُ اليومَ موضوعَ العدالةِ المناخيةِ من زاويةِ الحقوقِ الإنسانيّةِ للنساء، ومن خلالِ عدسةِ الإنصافِ والكرامةِ والمساواةِ.

واضافت افيلال ” لأنّ التغيراتِ المناخيةَ، وإن كانت ظاهرةً كونيةً لا تُميّزُ ظاهريًّا بين مَن يُصيبُهم أثرُها، فإنّ تداعياتِها تُثقلُ كاهلَ الفئاتِ الأكثرِ هشاشةً، وعلى رأسِها النساءُ والفتياتُ، اللّواتي يَجدْنَ أنفسهنَّ في مواجهةٍ مباشرةٍ مع الكوارثِ، دونَ حمايةٍ كافيةٍ، ودونَ اعترافٍ بموقعِهنَّ المحوريِّ في تدبيرِ الأزماتِ. وقد يتساءلُ البعضُ: لماذا يتمُّ التركيزُ على حقوقِ النساءِ بالتحديدِ في مشروعٍ بيئيٍّ؟

والجوابُ واضحٌ في تقاريرِ منظماتٍ أُمميّةٍ ووكالاتٍ دوليّةٍ متخصصةٍ، والتي تُؤكِّدُ أنَّ النساءَ هُنَّ الأكثرَ تأثُّرًا بالكوارثِ المناخيةِ.

فـثمانين بالمائة (80٪) من النازحين القسريين بسبب الأزمات المناخية هُنَّ نساءٌ، كما أنَّ النساءَ والفتياتِ مُعرّضاتٌ للوفاةِ بنسبةٍ تفوقُ الرجالَ بـ14 مرّة خلالَ الكوارثِ، لا لشيءٍ إلا لافتقارِهنَّ إلى المعلومةِ، أو لانعدامِ الوسائلِ الحمائيّةِ، أو بسببِ القيودِ الاجتماعيّةِ التي تحدُّ من حركتِهنَّ وقدرتِهنَّ على اتخاذِ القرارِ في زمنِ الطوارئِ.

وابرزت افيلال ” وفي البلدانِ الناميةِ، وضمنَها المغربُ، نجدُ أنَّ النساءَ القروياتِ، على سبيلِ المثالِ، هُنَّ العمودُ الفقريُّ للأمنِ الغذائيِّ المحليِّ. أكثرُ من 80٪ من احتياجاتِ الأسرةِ من الغذاءِ تُنتجُهُ النساءُ، ومع ذلكَ، هُنَّ أقلُّ الفئاتِ تمكينًا، وأقلها ولوجا للموارد الطبيعية كالماء و الأرض إبان الأزمات المناخية وأضعفُها استفادةً السياساتِ العموميّةِ ذاتِ الطابعِ البيئيِّ الوقائيِّ كسياساتِ التكيف و التأقلم.

ناهيك عن الظواهرو الصور القاسية التي تتكرر في فترات الأزمات المناخية:

 فتياتٌ يُجبرْنَ على تركِ مقاعدِ الدراسةِ للبحثِ عن الماءِ في فتراتِ الجفافِ؛

 نساءٌ يُعانين من الإرهاقِ الجسديِّ والنفسيِّ نتيجةَ ارتفاعِ أعباءِ الرعايةِ والعملِ غيرِ المؤدى عنه؛

 ضحايا زواجٍ مبكرٍ، وعنفٍ قائمٍ على النوعِ الاجتماعيِّ خلالَ فتراتِ النزوحِ القسريِّ؛

 تدهورٌ في شروطِ الصحةِ الإنجابيةِ، وغيابُ خدماتِ الرعايةِ الصحيّةِ الأساسيّةِ…

والمرأة في المغرب غير محصنة ضد هذه الظواهر الناجمة عن الأزمات المناخية

الفيضانات في الجنوب الشرقي: طاطا, الماء الصالح للشرب : زاكورة

كلُّها مظاهرُ تُنذرُ بخطورةِ الأوضاعِ، وبالحاجةِ المستعجلةِ لسياساتٍ تأخذُ بعينِ الاعتبارِ العدالةَ المناخيةَ كمدخلٍ لتحقيقِ المساواةِ بين النساء والرجال في الولوج الى المعلومة أولا وفي المساواة في الولوج الى الوسائل الحمائية و الوقائية وفي اتخاذ القرار في صنع سياسات التكيف و التأقلم من أجل بناء مرونة تستجيب لانتظارات الجميع.

وأضافت افيلال ” إنّ مشروعَنا اليومَ لا يقتصرُ على التشخيصِ، بل يسعى إلى الفعلِ، والتأثيرِ، والتمكينِ.

نحن نؤمنُ أن التمكينَ البيئيَّ والسياسيَّ للنساءِ لا ينفصلُ عن التمكينِ الاقتصاديِّ والاجتماعيِّ، بل إنّنا نعتبرُ أنَّ بناءَ استدامةٍ منصفةٍ ومتكاملةٍ، رهينٌ بإدماجِ النساءِ في صلبِ السياساتِ العموميةِ المتعلقةِ بالمناخِ والبيئةِ.

من هنا، يهدفُ هذا المشروعُ إلى:

• بناءِ قدراتِ النساءِ الفاعلاتِ، سواءٌ كُنَّ منتخباتٍ، أو ناشطاتٍ جمعويّاتٍ، أو نساءً منتِجات؛

• رفعِ الوعيِ بخصوصِ تأثيراتِ التغيراتِ المناخيةِ على حقوقِ النساءِ؛

• تعزيزِ حضورِ النساءِ في مواقعِ القرارِ البيئيِّ؛ خصوصا على المستوى الترابي نظرا للمسؤولية المنوطة للجماعات الترابية

• دعمِ حلولٍ مبتكَرةٍ محليةٍ تقودُها النساءُ؛

• ابراز نخب نسائية على المستوى الترابي مؤثرة في الحكامة الترابية :إدماجِ مقاربةِ النوعِ الاجتماعيِّ في التخطيطِ البيئيِّ الترابيِّ.

لقد أثبتتِ التجاربُ أنَّ النساءَ لسنَ فقط ضحايا للكوارثِ البيئيةِ، بل هُنَّ مُنتِجاتٌ للحلولِ، وصانعاتٌ للبدائلِ.

لذلك، فإنّ إشراكَ النساءِ في صُنعِ القرارِ البيئيِّ ليس فقط مسألةَ عدالةٍ، بل هو خيارٌ استراتيجيٌّ لضمانِ نجاعةِ السياساتِ العموميةِ.

كما أنّ تدبيرَ الأزماتِ المناخيةِ لن يتحقّقَ إلا بضمانِ العدالةِ في الوسائلِ الوقائيّةِ والحمائيّةِ، وتوفيرِ المعلومةِ والتمويلِ والحمايةِ، مع الاعترافِ بالفوارقِ المجاليةِ والاجتماعيةِ.

وختمت قولها” نحن اليومَ أمامَ لحظةٍ مهمة، تتطلّبُ منا جميعًا، كفاعلينَ مؤسساتيينَ، وفاعلاتٍ جمعوياتٍ، وإعلاميّين ملتزمين، أن ننتقلَ من منطقِ التدبيرِ بالأزماتِ إلى منطقِ الاستباقِ والوقايةِ، ومن مقاربةٍ تضع النساء على الهامشإلى مقاربةٍ تُنصتُ لهنّ، وتُـمكِّنُـهُنّ، وتمنحُـهُنّ الأدواتِ للقيادةِ والتأثيرِ. و أنَّ تحقيقَ العدالةِ المناخيةِ لا يمكنُ أن يتمَّ دونَ عدالةِ النوعِ، ولا تنميةَ مستدامةً دونَ مساواةٍ فعليةٍ.

إنّنا نحتاجُ اليومَ إلى نموذجٍ تنمويٍّ بيئيٍّ قادر ان يدمج الجميع، وأن يضعُ النساءَ في صُلبِ المعادلةِ، لا في هامشِها.