دينامية الشراكة المغربية-الفرنسية: نحو مستقبل مشترك قائم على التعاون والابتكار

دينامية الشراكة المغربية-الفرنسية: نحو مستقبل مشترك قائم على التعاون والابتكار
في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، أكد عدد من الدبلوماسيين والأكاديميين والمختصين، خلال ندوة احتضنتها مدينة الدار البيضاء يوم الجمعة، أن العلاقات المغربية-الفرنسية تشهد دينامية جديدة تعكس إرادة مشتركة لتعميق شراكة استراتيجية مبنية على الروابط التاريخية والقيم المشتركة.
الندوة، التي نظمتها مؤسسة “لينكس” بتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، اختارت شعار “دينامية الشراكة الفرنسية المغربية”، لتسلط الضوء على الآفاق الواعدة التي تفتحها هذه العلاقات الثنائية، لاسيما في ظل المتغيرات الدولية والتحديات التنموية التي تواجه البلدين.
شراكة تقوم على الفعل لا القول
سفير فرنسا بالمغرب، كريستوف لوكورتيي، شدد في مداخلته على أن العلاقة بين باريس والرباط تجاوزت الأبعاد التاريخية، وأصبحت اليوم قائمة على منطق الفعل، وذلك من خلال التزامات قوية في قطاعات حيوية تمس التنمية والاقتصاد والتعليم والطاقة.
وأشار السفير إلى أن فرنسا ترى في المغرب شريكا لا محيد عنه، ليس فقط لقيمته الاستراتيجية كجسر يربط أوروبا بإفريقيا، بل أيضًا لرؤيته التنموية الطموحة التي تسعى فرنسا إلى مواكبتها ودعمها على المدى الطويل.
 أكاديميا: انفتاح وتكوين وإدماج
من جانبها، أكدت الأستاذة فاطمة الزهراء علمي، عميدة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، أن هذه الندوة تعكس روح التعاون والانفتاح التي تميز العلاقة بين المؤسستين الأكاديمية والاقتصادية في البلدين، مشيرة إلى أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة للمغرب بدعوة من جلالة الملك محمد السادس شكلت نقطة تحول بارزة في مسار الشراكة الثنائية، خاصة في المجالين العلمي والجامعي.
واستعرضت العميدة مجموعة من المبادرات التي أطلقتها الكلية بشراكة مع الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، ومنها تنظيم منتديات للتشغيل، وبرامج تكوين مشترك، وخلق فرص تدريب ميداني للطلبة، في خطوة تهدف إلى ربط التعليم بسوق الشغل وتحفيز الابتكار.
 روابط صامدة في وجه التحديات
بدوره، اعتبر الأستاذ عبد اللطيف كومات، العميد السابق لنفس الكلية، أن العلاقات المغربية-الفرنسية تميزت بقدرتها على الصمود أمام مختلف التحديات والظروف، وهو ما يعكس تجذرها في قيم إنسانية كالثقة والصداقة والمصير المشترك.
وأشاد بانخراط الفاعلين الفرنسيين في دعم التنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة، من خلال مشاريع استثمارية كبرى، أبرزها إعلان الوكالة الفرنسية للتنمية عن تمويل بقيمة 150 مليون أورو، بالإضافة إلى مشاركة شركات فرنسية في مشاريع استراتيجية مثل تحديث شبكة السكك الحديدية المغربية.
اتفاقية لتعزيز التكوين والبحث العلمي
وعلى هامش الندوة، تم التوقيع على اتفاقية شراكة ثلاثية بين الغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة بالمغرب، وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق، ومؤسسة “لينكس”. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين مكونات التعليم العالي والقطاع الخاص، من خلال دعم البحث العلمي، وتيسير إدماج الخريجين في سوق الشغل، وتشجيع الابتكار والتطوير المشترك.
جاءت هذه الندوة لتؤكد أن الشراكة المغربية-الفرنسية ليست مجرد علاقات دبلوماسية عابرة، بل هي مشروع استراتيجي طويل الأمد، قائم على التعاون العملي، وتكامل الرؤى، وتبادل الخبرات، في سبيل بناء مستقبل مشترك يخدم مصالح الشعبين ويعزز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
فاطمة الزهراء الجلاد.