من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز: الإصلاح الجامعي في المغرب يدخل مرحلة التنفيذ الشامل

من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز: الإصلاح الجامعي في المغرب يدخل مرحلة التنفيذ الشامل
في خطوة تؤكد التزام الحكومة بإحداث تحول عميق في منظومة التعليم العالي، أعلن رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، عن انطلاق فعلي لمرحلة جديدة في تنفيذ المخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الممتد إلى أفق سنة 2030.
جامعة بمواصفات دولية
وصف السيد أخنوش الدخول الجامعي الحالي بأنه لحظة مفصلية، تنقل الإصلاح الجامعي من مرحلة التخطيط إلى مرحلة الإنجاز الملموس، مؤكداً أن الرؤية الحكومية تروم بناء نموذج جامعي حديث يواكب المعايير الدولية ويرتكز على مفاهيم التمكين والتعلم مدى الحياة. هذا التوجه ينبني على التوجيهات الملكية السامية ويترجم مضامين القانون الإطار رقم 17-51، إضافة إلى التزامات البرنامج الحكومي بشأن تطوير الجامعة المغربية وتعزيز دورها كمحرك للتنمية الشاملة.
استقطاب قياسي وإصلاحات جذرية
انعكست هذه الجهود على مؤشرات الإقبال الجامعي، حيث سجلت الجامعات المغربية هذه السنة تسجيل حوالي 1.3 مليون طالب، منهم أزيد من 344 ألف طالب جديد، يشكل طلبة الجامعات العمومية نسبة 91% منهم، في مؤشر قوي على استعادة الجامعة المغربية لجاذبيتها.
وفي سياق تنويع العرض البيداغوجي، تم اعتماد ما يقارب 4000 مسلك جديد، منها 3000 في التعليم العمومي و1000 في القطاع الخاص، ما يعكس توجها نحو تحديث المحتويات التعليمية وربطها بسوق الشغل ومهن المستقبل.
مراكز التميز وتخصصات نوعية
ولتعزيز التفوق الأكاديمي، أُنشئت أزيد من 82 مركزا جديدا للتميز “Tamayouz Center”، تضم نحو 186 مسارا يستفيد منه أكثر من 15 ألف طالب، في مجالات تلائم التحولات الاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على القطاعات الواعدة والتخصصات ذات البعد المستقبلي.
الجامعة رافعة للتنمية الوطنية
أكد أخنوش أن الجامعة المغربية منخرطة بفاعلية في إنجاح الأوراش الكبرى التي تقودها المملكة، من خلال عرض تكويني يستجيب لحاجيات الرأسمال البشري الوطني. وتشمل أهداف الحكومة في هذا المجال تكوين 100 ألف خريج في مجالات الهندسة والتقنيات والمهن الصحية بحلول 2027، بالإضافة إلى تكوين 10 آلاف مساعد اجتماعي وتوسيع قاعدة التكوين في سلكي التعليم الابتدائي والثانوي ليصل عدد المسجلين إلى 50 ألف في أفق 2025. كما تسعى الحكومة إلى تكوين 22.500 خريج في التخصصات الرقمية بحلول سنة 2027.
دعم البحث العلمي وربط الجامعة بسوق العمل
فيما يخص البحث العلمي، شدد رئيس الحكومة على مباشرة إصلاح جذري في سلك الدكتوراه، من خلال إحداث 245 مسلكاً جديداً يضم أزيد من 11.700 طالب برسم الموسم الجامعي 2024-2025. ويستفيد الجيل الجديد من طلبة الدكتوراه من برنامج وطني يخصص لهم منحاً شهرية تصل إلى 7.000 درهم مقابل مهام بيداغوجية.
كما تم إبرام شراكات استراتيجية مع عدد من القطاعات الوزارية لدعم البحث العلمي التطبيقي، منها وزارة الصناعة والتجارة التي ستمنح 1000 منحة لإنجاز بحوث داخل المقاولات، ووزارة الداخلية بـ30 منحة في مجال تدبير المخاطر الطبيعية، إضافة إلى 550 منحة من وزارة الانتقال الطاقي في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني.
الرقمنة والابتكار في قلب الإصلاح
في إطار التحول الرقمي، تم تزويد 220 موقعا جامعيا بشبكة الإنترنت عالي الصبيب (WiFi6)، إلى جانب إنتاج مضامين بيداغوجية رقمية على منصة “Moodle”. كما أطلقت الوزارة تطبيق “الجامعة المغربية الذكية MyMoroccanUniv” لمواكبة احتياجات الجيل الرقمي الجديد.
وتبرز مراكز CODE212 كتجربة مبتكرة أطلقتها الوزارة العام الماضي لتكوين الطلبة في المهارات الرقمية والتكنولوجية، ما يعزز من جاهزيتهم لمواكبة تحديات المستقبل.
منظومة جامعية منفتحة على محيطها
وفي سياق انفتاح الجامعة على الفاعلين الاقتصاديين، أعلنت الحكومة عن دعم برنامج “مجمعات الابتكار” بشراكة مع وزارات مختلفة، حيث سيتم إنجاز ثلاثة مجمعات جديدة بجامعات الحسن الثاني، وابن طفيل، ومولاي إسماعيل، تضاف إلى ستة مجمعات سابقة، بإجمالي استثمارات تفوق 296 مليون درهم. كما أُطلق برنامج “Tech Transfer” الذي يضم 11 مشروعا في مجال نقل التكنولوجيا بميزانية تقارب 60 مليون درهم.
تكشف هذه الإجراءات عن إرادة سياسية واضحة لإعادة بناء منظومة التعليم العالي على أسس الجودة، الاستباقية، والربط الوثيق مع حاجيات المجتمع وسوق الشغل. ومن شأن هذا التحول أن يجعل من الجامعة المغربية قاطرة حقيقية نحو التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفضاءً حاضناً للإبداع والابتكار.
فاطمة الزهراء الجلاد.

اليونسكو تطلق فعاليات “الأسبوع الإفريقي 2025” تحت شعار: الالعالمي لاستعادة التراث الإفريقي