في سياق دينامية الانفتاح الإفريقي وتعزيز التعاون جنوب-جنوب، استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، يوم أمس الإثنين بالرباط، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في برلمان جمهورية غانا، السيد ألفريد أوكوي فاندربويجي، في لقاء دبلوماسي يُعبر عن متانة العلاقات بين الرباط وأكرا، ويؤسس لمرحلة جديدة من التقارب السياسي والتشريعي.
الزيارة، التي تأتي في إطار توسيع آفاق التعاون الثنائي، لم تقتصر على المجاملات البروتوكولية، بل شكلت مناسبة لتبادل وجهات النظر حول سبل تعزيز العمل البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين في البلدين، وفتح آفاق جديدة للتنسيق المؤسساتي، بما يخدم مصالح الشعبين.
وفي تصريح صحفي عقب اللقاء، نوه السيد فاندربويجي بعمق العلاقات التي تربط المغرب وغانا منذ عام 1961، مؤكداً أن هذه الروابط التاريخية لا تزال تتعزز عبر قنوات متعددة، من ضمنها الدبلوماسية البرلمانية. كما وصف مباحثاته مع السيد بوريطة بـ”المثمرة”، موضحاً أنها شملت ملفات ذات طابع استراتيجي، تتعلق بالمصالح المشتركة، وتكريس المثل العليا والقيم الإفريقية التي يتقاسمها البلدان.
ويلاحظ أن هذه الزيارة تندرج ضمن سياسة مغربية واضحة المعالم، تقوم على إعادة تموقع الرباط كفاعل محوري في الشأن الإفريقي، عبر توسيع قاعدة شركائها في القارة وتفعيل أدوات دبلوماسية متعددة، من ضمنها التعاون البرلماني الذي أصبح يلعب دوراً موازياً للدبلوماسية التقليدية، خصوصاً في ما يتعلق بتنسيق المواقف داخل المحافل الدولية وتبادل الخبرات التشريعية.
وتأتي هذه الدينامية المغربية في وقت تعيش فيه القارة الإفريقية تحولات كبرى، مرتبطة بتعقيدات اقتصادية، تحديات أمنية، ومتغيرات جيوسياسية متسارعة. وهو ما يجعل من التعاون الإفريقي ضرورة استراتيجية، تتطلب نهجاً قائماً على التضامن الفعلي، ونقل التجارب، والعمل المشترك لمواجهة الرهانات الإقليمية مثل التنمية المستدامة، والهجرة، والتغير المناخي، ومحاربة التطرف.
في هذا السياق، تمثل الشراكة المغربية الغانية نموذجاً لتعاون إفريقي مندمج، قائم على المصالح المتبادلة، والرؤية المستقبلية، بعيداً عن منطق الهيمنة أو التبعية. كما أن تفعيل قنوات التعاون البرلماني يعزز من مكانة المؤسستين التشريعيتين كرافعتين لدعم الحكامة الجيدة والديمقراطية في القارة.
وينتظر أن تشكل هذه الزيارة، التي يقود خلالها رئيس لجنة الشؤون الخارجية الغاني وفداً برلمانياً هاماً، نقطة انطلاق لسلسلة من المبادرات الثنائية، تروم ترسيخ تعاون مؤسساتي دائم بين برلماني البلدين، بما يُسهم في دعم المشروع الإفريقي الكبير لبناء قارة موحدة، قوية، ومزدهرة.
فاطمة الزهراء الجلاد.