في خطوة وصفت بـ”المتأخرة”، حلت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أمس الأربعاء 21 مايو 2025، بإقليم زاكورة. الزيارة، التي تأتي ضمن جولة رسمية بجهة درعة تافيلالت، رافقها فيها عامل الإقليم، وأثارت آمالاً ممزوجة بالشكوك في منطقة عانت طويلاً من الإهمال والتهميش.
كان قصر أمزرو إحدى المحطات الرئيسية في جولة الوزيرة. هذا القصر، الذي خضع لأشغال ترميم بلغت تكلفتها 9.7 ملايين درهم، لم يستفد منه سوى 27 أسرة. هذا العدد الضئيل فجّر تساؤلات لدى الساكنة حول مصير عشرات القصبات الأخرى المهترئة التي لم تشملها مشاريع الدولة، بالرغم من الوعود المتكررة.
الترميم، وإن شمل مرافق أساسية كالمسجد والمعبد اليهودي والممرات، إلا أن أثره بدا محدودًا في غياب رؤية شاملة تدمج هذه المآثر التاريخية في النسيج الاقتصادي المحلي أو السياحة الثقافية. فهل يقتصر الاهتمام على الجانب الشكلي دون تحقيق تنمية مستدامة؟
لم تقتصر الزيارة على تفقد المشاريع القائمة، فقد أشرفت الوزيرة على توقيع اتفاقيتين جديدتين: الأولى لتأهيل المركز القروي تازارين بتكلفة 90 مليون درهم، والثانية للتأهيل الحضري لمدينتي زاكورة وأكدز بغلاف مالي إجمالي يصل إلى 150 مليون درهم. لكن تجارب السنوات الماضية علّمت المواطنين التعامل بحذر مع هذه الاتفاقيات، التي غالبًا ما تبقى حبيسة الأدراج، بعيدًا عن واقع التنفيذ.
في زاكورة وحدها، من المفترض أن تستفيد 4255 أسرة من إعادة تأهيل سبعة أحياء ناقصة التجهيز. لكن التاريخ يعيد نفسه؛ فوتيرة الأشغال البطيئة في مشاريع سابقة، ورداءة التنفيذ، وغياب المراقبة الصارمة، تضع الشك قبل الثقة، خاصة في ظل غياب الشفافية حول آجال الإنجاز أو طبيعة الشركات المكلفة بها.
وعود “الجماعات المستفيدة” وواقع المطالب الأساسية
وفي ختام الزيارة، أُعلن أن الاتفاقيات الجديدة ستشمل 37 جماعة، منها 34 قروية، ليرتفع العدد الإجمالي للجماعات المستفيدة إلى 48 من أصل 58 جماعة بالجهة، حسب تصريحات الوزارة. أرقامٌ تبدو مبشرة على الورق، لكن واقع الحال يكشف أن “استفادة” الجماعات القروية لا تعني بالضرورة تغيرًا حقيقيًا في حياة المواطنين.
سكان درعة تافيلالت لا يزالون يطالبون بحقوقهم الأساسية في التعليم، والصحة، والتشغيل، والعيش الكريم. وبينما تستمر الجولات الرسمية والتوقيعات المتتالية، تبقى هذه الجهة شاهدة على فوارق مجالية صارخة، تنتظر تنفيذاً حقيقياً للوعود، لا مجرد زيارات بروتوكولية وتصريحات إعلامية لا تصمد أمام الواقع اليومي المرير.
فهل تنجح زيارة الوزيرة هذه في تحويل دفة الإهمال، أم أنها ستُضاف إلى قائمة الزيارات التي لم تغير شيئًا على أرض الواقع؟