المغرب 2024: قفزة استثمارية في مواجهة تضخم مستمر

المغرب 2024: قفزة استثمارية في مواجهة تضخم مستمر
كشفت أرقام المندوبية السامية للتخطيط أن الاقتصاد المغربي في عام 2024 شهد دينامية متفاوتة، تميزت بنمو ملحوظ في الاستثمار والطلب الداخلي، لكنها ظلت تحت وطأة الضغوط التضخمية التي تستنزف القدرة الشرائية للأسر.
فقد سجل المستوى العام للأسعار ارتفاعاً مقلقاً بنسبة 4.1%، ما يعكس استمرار التحديات التضخمية. ورغم ذلك، أظهرت المؤشرات الاقتصادية تحسناً في الطلب الداخلي، الذي نما بنسبة 5.8% مقارنة بـ 4.9% في عام 2023. وقد ساهم هذا التحسن بقوة في النمو الاقتصادي الإجمالي، مضيفاً 6.3 نقطة إلى معدل النمو، مقابل 5.4 نقطة في العام الماضي.
طفرة استثمارية تدعم النمو الاقتصادي
كان الانتعاش في الاستثمار أبرز سمات عام 2024، حيث حقق إجمالي تكوين الاستثمار نمواً قوياً بلغ 10.9%، مقابل 4.3% فقط في عام 2023. هذا النمو الكبير في الاستثمار، الذي يشمل تكوين الرأسمال الثابت والتغير في المخزون واقتناء النفائس، ساهم بـ 3.2 نقطة في النمو الاقتصادي، وهو تحسن ملحوظ مقارنة بـ 1.3 نقطة خلال العام الماضي.
يُعد هذا الأداء دليلاً إيجابياً على حيوية الاقتصاد الوطني، ويحمل في طياته آفاقاً واعدة لخلق فرص الشغل وتعزيز العرض المحلي.
تباطؤ استهلاك الأسر والإدارات العمومية
في المقابل، شهدت نفقات الاستهلاك النهائي للأسر والمؤسسات غير الهادفة للربح تباطؤاً ملحوظاً، إذ لم يتجاوز نموها 3.4% مقارنة بـ 4.8% في عام 2023. وقد انعكس هذا التباطؤ سلباً على مساهمة الاستهلاك في النمو، التي تراجعت إلى 2.1 نقطة بعد أن كانت 3 نقاط.
كما تراجع معدل نمو استهلاك الإدارات العمومية إلى 5.6% مقارنة بـ 6.1%، مع مساهمة أقل بلغت نقطة واحدة بدلاً من 1.2 نقطة في العام الماضي.
تضخم مقلق في ظل انتعاش نسبي
تُشير هذه المعطيات إلى أن تحسن الطلب الداخلي وتسارع وتيرة الاستثمار يعكسان مؤشرات إيجابية على مستوى الانتعاش الاقتصادي. ومع ذلك، فإن استمرار الضغوط التضخمية، التي تتجلى في ارتفاع أسعار الاستهلاك بنسبة 4.1%، يُلقي بظلاله على هذا الانتعاش ويطرح تحديات كبيرة أمام السياسات العمومية الساعية لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.