في خطوة تعكس سعيه لتجديد حضوره السياسي والتشريعي، عقدت المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، صباح يوم الإثنين 16 يونيو 2025، اجتماعها الأسبوعي بالمقر المركزي للحزب بالعاصمة الرباط، برئاسة الدكتور عبد الله بووانو. اللقاء، الذي يأتي في سياق دينامية برلمانية محتدمة، شكّل مناسبة لمناقشة جملة من القضايا ذات البُعد الاستراتيجي، وفي مقدمتها مقترحات قوانين تهم المناخ، قطاع المناجم، وآثار اتفاقيات التبادل الحر على الاقتصاد الوطني.
وإذا كان البعض يعتبر أن الموقع الحالي للحزب داخل المعارضة يُقلص من هامش تأثيره، فإن مضمون هذا الاجتماع يعكس محاولة لفرض نَفَس جديد داخل المؤسسة التشريعية، عبر التركيز على ملفات ذات صلة مباشرة بالتحولات الوطنية والعالمية. فقد وضعت المجموعة على طاولة النقاش مقترح قانون إطار حول المناخ، في وقت تتصاعد فيه الضغوط البيئية وتحديات الانتقال الطاقي، ما يكشف عن وعي الحزب بضرورة مواكبة الأجندة الدولية في هذا المجال، رغم محدودية أدواته التنفيذية.
وفي السياق ذاته، ناقشت المجموعة مقترح تعديل القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم، وهي خطوة تُقرأ في إطار محاولة الدفع نحو مراجعة شاملة للمنظومة القانونية المنظمة للثروات المعدنية، بما يتلاءم مع رهانات العدالة المجالية والحكامة في تدبير الموارد الطبيعية.
ولم تغب الملفات الاقتصادية الكبرى عن النقاش، حيث أولى الاجتماع اهتماماً خاصاً بـ”حصيلة اتفاقيات التبادل الحر”، التي شكلت موضوع جلسة برلمانية سابقة. واعتبر أعضاء المجموعة أن تقييم آثار هذه الاتفاقيات على الاقتصاد الوطني بات أمراً ملحًّا، خاصة في ظل تزايد شكاوى الفاعلين المحليين من غياب التكافؤ في الفرص وتعميق العجز التجاري لصالح شركاء دوليين.
الاجتماع الأسبوعي لمجموعة “المصباح” لم يكن مجرد لقاء داخلي تقني، بل جاء محمّلاً برسائل سياسية واضحة. من جهة، يؤكد الحزب تمسّكه بأدواره الرقابية والتشريعية رغم موقعه خارج الحكومة، ومن جهة أخرى، يسعى لتقديم نفسه كقوة اقتراحية مسؤولة، تُعلي من أولوية الملفات ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي المباشر.
في خضم السياق السياسي المتغير واحتدام النقاش العمومي حول مآلات الإصلاحات، يبدو أن حزب العدالة والتنمية يحاول استثمار موقعه البرلماني لإعادة التموضع، من خلال الانكباب على قضايا وطنية تمسّ المواطن في معيشه اليومي ومستقبل بلده، واضعاً نصب عينيه شعار “المعارضة البناءة” كعنوان لمرحلة جديدة في تجربته السياسية.