في ظل الأجواء المتوترة التي تسبق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وفي وقت تتزايد فيه حدة التجاذبات السياسية والاستقطابات الحزبية، أقدم حزب الحركة الشعبية على خطوة لافتة تهدف إلى تجديد هياكله وتعزيز حضوره في جهة الرباط-سلا-القنيطرة. فقد أعلن الحزب تعيين رجل الأعمال الشاب البشير صاخي رئيسًا للجنة التحضيرية للمؤتمر الجهوي، في لقاء احتضنته العاصمة الرباط، بحضور الأمين العام للحزب محمد أوزين وعدد من قياداته المركزية.
وتأتي هذه الخطوة في سياق مساعي الحزب لإعادة التموضع على الخريطة السياسية الوطنية، استعدادًا للاستحقاقات المقبلة، حيث يبدو جليًا أن الحركة الشعبية باتت تراهن بشكل أكبر على الكفاءات الشابة الطموحة، القادرة على الجمع بين الخبرة الميدانية والطموح السياسي. ويعتبر البشير صاخي مثالًا لهذا التوجه، فهو شخصية شابة سبق أن خاض تجربة سياسية لافتة حين ترشح باسم حزب الاستقلال في دائرة الرباط شالة، المعروفة بـ”دائرة الموت”، خلال الانتخابات التشريعية الماضية. ورغم عدم فوزه، إلا أن حملته الانتخابية القوية كرسته كاسم صاعد وواعد في المشهد السياسي المحلي.
ويعكس انضمام صاخي مجددًا إلى المشهد السياسي من بوابة الحركة الشعبية — بعد تجربته السابقة التي شهدت مواجهة انتخابية محتدمة ضد نجل إدريس لشكر — مرونة التحالفات داخل المشهد الحزبي المغربي، كما يعبر عن توجه الحزب نحو استقطاب شخصيات ذات وزن انتخابي ومصداقية لدى المواطنين. وهو توجه تفرضه ظروف المرحلة، خاصة مع تراجع الثقة في أداء الحكومة الحالية وارتفاع الأصوات المطالبة بخطاب معارض أكثر جرأة وقربًا من هموم المواطن.
وينظر إلى المؤتمر الجهوي المقبل، الذي أوكلت مهمة تحضيره إلى صاخي، باعتباره محطة مفصلية في مسار إعادة ترتيب البيت الداخلي للحركة الشعبية بجهة استراتيجية تعد ساحة رئيسية للتنافس بين الأحزاب الكبرى، كما تمثل تقاطعًا حيويًا لرؤية الحزب حول التنمية المحلية والتمثيلية السياسية.
ويحمل اختيار شخصية مثل البشير صاخي، الذي يجمع بين الحنكة الاقتصادية والواقعية السياسية، دلالات واضحة حول نية الحزب تقديم عرض سياسي جديد، يقوم على دينامية شبابية وخطاب أكثر التصاقًا بانتظارات فئات واسعة، وفي مقدمتها الشباب والطبقة المتوسطة.
ومع اقتراب موعد المؤتمر الجهوي، يبقى الرهان معلقًا على ما ستسفر عنه هذه الدينامية الجديدة للحزب، وسط مؤشرات توحي بأن البشير صاخي في طريقه للعودة إلى صدارة المشهد السياسي، مدعومًا بتزكية مباشرة من قيادة تسعى إلى رسم ملامح جديدة للحركة الشعبية استعدادًا لمعركة انتخابية قد تكون حاسمة في إعادة تشكيل التوازنات السياسية بالمغرب.
فاطمة الزهراء الجلاد.