شهدت العلاقات المغربية البنمية دفعة جديدة ومتميزة، مع الزيارة الرسمية التي قام بها وزير خارجية جمهورية بنما، السيد خافيير مارتينيز-آشا فاسكيز، إلى المغرب، والتي تندرج في إطار الزخم المتواصل الذي تعرفه الروابط بين البلدين خلال الفترة الأخيرة.
وفي ندوة صحفية مشتركة عقدت عقب مباحثاتهما، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، أن هذه الزيارة تأتي تتويجًا لمسار إيجابي انطلق منذ قرار بنما في 21 نونبر من السنة الماضية، بسحب اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية”، في خطوة وصفها الوزير بالمحورية في مسار العلاقات الثنائية. وأبرز بوريطة أن الرسالة التي بعثها جلالة الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية بنما، خوسيه راوول مولينو، عقب هذا القرار، شكلت أساسًا لإرساء مرحلة جديدة من التعاون المبني على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
وأضاف بوريطة أن زيارة الوزير البنمي حملت أيضًا دلالات قوية على صعيد دعم بنما للوحدة الترابية للمملكة، مشددًا على أهمية هذا الموقف بالنظر إلى عضوية بنما الحالية في مجلس الأمن الدولي، مما يعزز من مكانة المغرب ومبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد وواقعي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وأشار إلى أن أكثر من 70% من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة باتت تعتبر أن تسوية هذا النزاع لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار السيادة المغربية وعلى أساس المبادرة المغربية المقدمة سنة 2007.
وعلى صعيد التعاون الثنائي، أوضح الوزير أن المباحثات شكلت فرصة لتأكيد الإرادة المشتركة لتعزيز التعاون القطاعي وتوسيع الإطار القانوني بين البلدين، مع تعبئة الفاعلين الحكوميين والقطاع الخاص لدعم هذه الدينامية. وأشار إلى أنه بتوجيهات من جلالة الملك والرئيس البنمي، تم الاتفاق على تطوير العلاقات في مجالات استراتيجية مثل السياحة، الأمن الغذائي، صناعة الأسمدة والموانئ.
وكشف بوريطة أنه من المرتقب أن يقوم وزيرا الفلاحة والتجارة البنميان بزيارات رسمية إلى المغرب خلال الأشهر المقبلة لتفعيل هذه الشراكات، إلى جانب تنظيم زيارات لرجال الأعمال من كلا البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري.
كما اتفق الجانبان على عقد اجتماع لجنة الحوار السياسي قريبًا، بهدف تعزيز التنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك على المستويين الثنائي والإقليمي، في ظل تقارب مواقف البلدين في عدد من القضايا الدولية، واشتراكهما في العديد من القيم والمبادئ.
وعلى مستوى الإطار القانوني، أعلن بوريطة عن توقيع ثلاث اتفاقيات جديدة: خارطة طريق للتعاون القطاعي، اتفاق بشأن منح التأشيرات للجوازات الرسمية، وإعلان مشترك بين البلدين، فضلًا عن تبادل مذكرات تتعلق بدخول اتفاقات النقل والتعاون القطاعي حيز التنفيذ.
واختتم بوريطة بالتأكيد على أن المغرب وبنما، ورغم البعد الجغرافي بينهما، يتقاسمان نقاطًا استراتيجية مشتركة، من بينها إشرافهما على معبرين حيويين في التجارة العالمية، وهما مضيق جبل طارق وقناة بنما، ما يمنح البلدين رؤى ومصالح متقاطعة تستدعي المزيد من التعاون لتسريع وتيرة هذه الشراكة الواعدة.
فاطمة الزهراء الجلاد.