في سياق دبلوماسي متنامٍ بين المغرب ودول أمريكا اللاتينية، استقبل وزير التجهيز والماء، نزار بركة، يوم الاثنين بالرباط، رئيس كونغرس جمهورية البيرو، إدواردو سالهوانا كافيديس، في إطار زيارة رسمية تمتد إلى غاية 6 يوليوز، تركز على تعميق التعاون الثنائي في مجالات استراتيجية تتقدمها البنية التحتية والماء.
تحالف تقني واستراتيجي في الأفق
اللقاء لم يكن بروتوكولياً فقط، بل حمل في طياته بعداً عملياً يعكس طموح الجانبين لبناء شراكة متقدمة. فقد استعرض الطرفان التحديات المشتركة في قطاعي التجهيز والماء، وتبادلا التجارب المؤسسية والتقنية، ما يؤشر على رغبة بيروفية حقيقية في الاستفادة من النموذج المغربي الذي أثبت ريادته في هذه القطاعات.
المغرب كنموذج للتنمية المستدامة
رئيس الكونغرس البيروفي لم يخف انبهاره بالتجارب المغربية، خصوصاً في مجالات الطرق والموانئ وتحلية المياه. وفي تصريح عقب اللقاء، أشاد سالهوانا كافيديس بالجهود المغربية لتقوية البنيات التحتية ورفع كفاءة التزود بالماء، واصفاً إياها بـ”الملهمة” لبلدان تسعى إلى توطيد أسس تنميتها الاقتصادية.
وتأتي هذه الإشادة في وقت يواجه فيه عدد من بلدان أمريكا اللاتينية، مثل البيرو، تحديات متفاقمة تتعلق بالماء وتوزيع الموارد، ما يجعل من التجربة المغربية مرجعاً بالغ الأهمية في مجال التدبير المندمج للموارد المائية.
بركة: تحلية المياه أولوية استراتيجية
من جانبه، أكد نزار بركة أن اللقاء شكل مناسبة لاستعراض التوجهات الكبرى للمملكة، خاصة في مجال تحلية مياه البحر، الذي أضحى خياراً استراتيجياً لتأمين الأمن المائي الوطني. وذكر بالمشاريع الرائدة في هذا الإطار، مسلطاً الضوء على محطات التحلية وميناء الداخلة الأطلسي، وميناء طنجة المتوسط، والناظور غرب المتوسط، إضافة إلى الاستراتيجية الوطنية للطرق التي تسعى إلى تقليص الفوارق المجالية وتعزيز العدالة الترابية.
وأكد الوزير استعداد المغرب لتقاسم خبرته، في إطار تعاون جنوب-جنوب فعال، معتبراً أن هذه الشراكات لا تقتصر على تبادل التجارب فقط، بل تؤسس لتحالفات تنموية أوسع.
أفق جديد للعلاقات المغربية-اللاتينية
تحمل زيارة الوفد البيروفي، الذي ضم شخصيات برلمانية وازنة من بينها نائب رئيس الكونغرس ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية، إشارات قوية على رغبة ليما في بناء علاقات أعمق مع الرباط. كما تعكس في الوقت ذاته الجاذبية المتزايدة للدبلوماسية التنموية المغربية التي تجمع بين الرؤية الاستراتيجية والنجاعة التنفيذية.
تتجاوز زيارة الوفد البيروفي بعدها الدبلوماسي التقليدي، لتتحول إلى لحظة مفصلية في تعزيز التعاون جنوب-جنوب، القائم على تقاسم التجارب الناجحة في مجالات حيوية كالماء والبنيات التحتية. فبين المغرب، الذي يتموقع كقوة صاعدة في إفريقيا، والبيرو، التي تبحث عن حلول مبتكرة لتحدياتها التنموية، يتشكل محور جديد من التعاون يعكس التحولات الجيوسياسية العالمية، حيث باتت الشراكات الفاعلة تتأسس على تبادل المعرفة لا مجرد التبادل التجاري.
فاطمة الزهراء الجلاد.