
أجواء رمضانية تخلوها الإبتسامة، وتكسوها ملامح التشاؤم و الإستياء، ما جعلنا نطرح عدة تساؤلات، هل حملة المقاطعة هي السبب في تعابير وجوههم المظلمة؟ من هو المتضرر من هذه المقاطعة؟ وهل إقبالات المستهلك على المنتوجات المقاطعة هي نفسها مقارنة مع السنوات الساقة؟
نجلاء عاملة تبلغ من العمر 30 سنة تقول ” أنا واحدة من المقاطعين، لقد سئمنا من الاحتكار، لهذا أنا متضامنة قلبا و قالبا مع أبناء الشعب، أقصد بها الفقراء وأنا واحدة منهم، وأضافت بكل حرقة وبنبرة حازمة “ماكيحس بالمسكين غير المسكين”.
وبينما نحن نستمع لشهادة نجلاء خطفتنا أنظارنا صوب حوار ساخن، بين بائع وزبون حول نفس الموضوع، نعم حديث الساعة “حملة المقاطعة” توجهنا نحوهم دون تردد، سمعنا الزبون يلوم و ينعت البائع” بالخائن”، عن عدم تضامنه مع الشعب و استمراره في اقتناء المنتوجات المقاطعة، حينها أدركنا تعصب و غيرة هذا المواطن على مآل إليه حال المواطن البسيط، أو بالأحرى الضعيف،
مواطنة تعني الكثير في وقت باتت فيه شبه منقرضة، قاطعناه في الكلام و طلبنا مباشرة من البائع تفسيرا مقنعا لمتابعته التعامل مع الشركات المقاطعة، أجابنا بعصبية و هو يتلعثم في الكلام “أنا أيضا متضرر مثلي مثل باقي أبناء الشعب، لكن لا يمكن أن أقطع مصدر رزقي، ولي عائلة بأكملها أعولها”
وأكمل حديثه بطرده لنا من محل تجارته، وقال أنه ليس مجبرا أن يشرح لنا ولغيرنا موقفه، و أضاف ” أنا حر سيروا خليوني نسترزق الله” وإلتفت مرة أخرى إلى الزبون محمد و قال له أنه هو الخائن الحقيقي.
ومن هنا بادرنا سؤالا غريبا، هل يعقل أن نكون خونة بمجرد امتناعنا أو مقاطعتنا لمنتوج معين وقبل أن نفكر ونبحث عن جواب لسؤالنا، سمعنا صوت امرأة عجوز تقول ” لا حول ولا قوة إلا بالله” ردا على انفعال البائع، الحاجة فاطمة في عقدها التاسع تحمل في يدها كيس من “حليب العبار” عبرت عن تضامنها بإشارتها لنا بكيس الحليب وهي مبتسمة، حركة بألف كلمة.
نرجس40 سنة، ابنة الحاجة فاطمة تثني على كلام والدتها و تقول ” أنا مهندسة دولة وراتبي الشهري جيد الحمد لله و ما أريد أن أوضح لكم من هذا، أنه بالرغم من قدرتي على اقتناء المنتوج بثمنه الحالي، إلا أنني اخترت التضامن مع أبناء بلدي، هكذا ربتني والدتي، و ختمت حديثها بتقبيل يد والدتها بكل فخر و عيناها تذرفان الدموع.
هي حملة مقاطعة يمكن أن تكون الأولى من نوعها في وطننا الحبيب، و تكاد أن تكون ناجحة، حيث جاءت على الأقل لتوحد و تجمع الشعب المغربي على موقف واحد، بالرغم من بعض الاستثناءات الخفيفة مقابل شريحة واسعة من الفقراء، حيث ترفع إذن القبعات احتراما وافتخارا بكل من تشده الغيرة على المصلحة العامة للمواطن.
فاطمة الزهراء الصبان