مجتمع

قطاع صناعة أسالك السيارات بالمغرب..الوجه الأخر

بفضل االستقرار األمني و القدرة التنافسية التي يتوفر عليها، تمكن المغرب من جلب العديد من شركات صناعة السيارات العالمية
الكبرى مما جعله يتحول إلى منصة عالمية للتصنيع و التصدير في هذا المجال.
و يسعى المغرب إلى توسيع االستثمار في هذا القطاع وفق إستراتيجية تهدف إلى إنتاج مليون سيارة بحلول سنة 2020 واضعا أمام
الشركات الرائدة في تصنيع السيارات مجموعة من االمتيازات على غرار اإلعفاءات الضريبية و توفير البنية التحتية الالزمة و
الضرورية .
و إذا كان لهذه الشركات دور فعال في إنعاش اقتصاد المغرب و الرفع من قيمته اإلنتاجية إال أن لها عيوب و معوقات تتعلق باليد
العاملة في شركات صناعة أسالك السيارات أو –الكابالج- كما هو متداول في المغرب.
العمل في متناول الجميع ..
أول هذه المعوقات يتمثل في الطريقة التي تسلكها شركات “الكابالج“ أثناء فتحها لحمالت التوظيف بتحديدها لضوابط تتمثل في أن
يكون الشخص المقبل على ولوج هذا الميدان حامال لشهادة الباكالوريا أو شهادة من احد مؤسسات التكوين المهني بالنسبة لمن لم
يتحصل على الباكالوريا.
و هو ما يعطي تصورا أمام من يرغب في االشتغال بهذه الشركات على أن طبيعة العمل بها ال يلجأ لها أي كان لكن سرعان ما يتبدد
هذا التصور بمجرد أن يبدأ المشرفون على عملية تكوين من حظي بفرصة الدخول لهذا القطاع تقديم طبيعة و طريقة العمل.
فالتصور الذي ترسمه شركات “الكابالج“ بمخيلة الراغبين في الدخول لهذا المجال تصور خاطئ فهو يقوم على أساس تبادل
المعرفة و الخبرات و العمل بمنهجية تتطلب رصيد معرفي و حضور ذهني كبيرين..لكن الواقع غير ذلك بمجرد أن يشرع المرء في
العمل يدرك جيدا مدى سهولته و أنه في متناول أي شخص حتى من لم يجلس في مقاعد الدراسة يوما.
و يتساءل احد الساهرين على تكوين العمال الجدد بشركة للكابالج عن الجدوى وراء اعتماد كل هذه الضوابط و القواعد من لدن
الشركات في وجه من يرغب في العمل بها. مضيفا أن هذا المجال قائم على المكننة أي انه خاضع لعمل ألي و ال يتطلب مجهودا
علميا و ذهنيا و حتى يدويا كبيرا و هو في متناول الجميع قد يشتغل فيه من يحمل الشواهد العليا و كذلك من لم يتوفر عليها.
معاناة العمال..
“الكابالج صعيب الحكرة و تمارة الكحلة“ بهذه العبارة تحدث منصف عن تجربة 16 سنة من العمل في هذا القطاع مضيفا أن
المشرفين عليه يركبون السيارات الفاخرة و يسكنون الفيالت بينما العامل البسيط ال يجني سوى أمراض الدهر والسياتيك بسبب
ساعات العمل الطويلة.

مضيفا انه من أراد تحسين وضعيته يتوجب عليه إتباع أوامر المسؤولين و الخضوع لنزواتهم و إال سيظل على نفس الوضع و إن
استمر طول حياته داخل المعمل على غرار تجربته يقول منصف.
في نفس السياق تتحدث كريمة اسم مستعار عن العمل الشاق الذي يمارس عليهم كل يوم معتبرة أن العاملين من طينتها في نظر
القائمين على المعمل مجرد“ روبوهات“ يتم جلبهم إلى معامل الكابالج من اجل الزيادة في اإلنتاج و ذلك عن طريق “كونطرا“
محددة بمجرد نهاية صالحيتها يكون مصير صاحبها الطرد.
في دليل واضح تضيف كريمة على أن مصالح الموارد البشرية ال تقف إلى جانب العمال وال تعر اهتمام لساعات عملهم الطويلة و
اإلضافية التي وصلت في كثيرة من المرات إلى العمل في أيام األعياد و العطل.
“حنا غير كيحرثو علينا“ بهذه الجملة عبر خالد من مدينة برشيد عن الوضع الذي يعيشه داخل شركة للكابالج مؤكدا أن المسؤولين
الساهرين على هذه الشركات يبق هدفهم الرئيس هو الربح المادي غير آبهين بالطبقة الشغيلة التي تقضي ساعات طويلة في العمل
تتضمنها راحة ال تتجاوز 15 دقيقة.
تذمر خالد طالب السنة الثانية شعبة القانون بدا واضحا و هو يسرد تفاصيل المعاناة التي يعيشها العمال داخل هذه المصانع من
اضطهاد للحقوق و مس في الكرامة مؤكدا أنهم يعانون في صمت من تردي أوضاعهم و الحيف الذي يطالهم بهذا القطاع.
أما سكينة القادمة لبرشيد من مدينة الكارة والتي تكمل دراستها بسلك الماستر شعبة االقتصاد بمدينة سطات دخلت هذا المجال من
اجل ربح مادي كفيل بتغطية مصاريف دراستها و متطلباتها من أكل و شرب و كراء غير أن األجر الهزيل الذي ال يتعدى 12
درهما للساعة ال يوازي كل هذه المتطلبات.
تحكي بمرارة عن معاناتها بدءا من االستيقاظ الباكر النتظار وسيلة نقل المعمل و ما يصاحب ذلك من مخاطر تعرضت لها غير ما
مرة من طرف لصوص أو متشردون.
تتحدث سكينة كذلك عن المضايقات التي تتعرض لها العامالت من لدن المشرفين على العمل و التي تتمثل في التحرش الجنسي
مستغلين أوضاعهن المادية ضاربة مثال لذلك لمسؤول كبير بالمعمل متزوج للتو ضبط بالدليل القاطع في حالة تحرش جنسي و
معاكسات لعاملة قادمة من مدينة أخرى لكن اإلجراء الذي تم اتخاذه هو طرد العاملة بينما استمر هو في عمله.
العمل النقابي بيد الشركة..
و ال يخلوا قطاع الكابالج من المحسوبية و الزبونية حيث ال يحترم الكفاءات و ال الخبرات المتراكمة بفضل االقدمية بالنسبة للعمال
فيما يتعلق بتحسين العقود بل يتم ذلك حسب انتمائهم السم أو أسرة احد المشرفين بالمعمل أو معارفه أو توصية من خارج المصنع.
مما يشكل تذمرا كبيرا في أوساط الطبقة الشغيلة التي ترى حقوقها تهضم لكن ليس بيدها حيلة.
و يتفق كل العاملين و العامالت على أن ابسط حقوقهم تسلب منهم و ال يتقاضون ثلث عملهم الشاق بهذه المعامل مؤكدين في الوقت
ذاته على أن العمل النقابي يبق حبرا على ورق يكتفي فقط بعقد اجتماعات يتحدث فيها على قربه من الشغيلة و انه يلعب دور
الصاغي لهمومهم و معاناتهم لكن الواقع يؤكد على أن هذه االجتماعات ما هي إال مسرحيات و قصص صيغت على نحو جيد بين
ممثلي النقابة و إدارة المعمل التي تتحكم في وضع أسماء بعينها تشرف على العمل النقابي حتى تتحكم فيها بالطريقة التي تريدها.

 

ص.م: يوسف العيرجي.

قد يعجبك ايضا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق