سياسة

رحمة بورقية: نحتاج إلى ثورة ثقافية رقمية داخل المدرسة المغربية 

في ظل التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم الرقمي، بات من الضروري أن تواكب المنظومة التربوية المغربية هذه المتغيرات العميقة، من خلال إدماج التربية على الحصانة الرقمية في صلب العملية التعليمية. هذا ما شددت عليه رحمة بورقية، رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، خلال افتتاح الجمعية العامة للمجلس، المنعقدة يوم أمس الأربعاء بالرباط.
وفي كلمتها الافتتاحية، والتي خصصت لمناقشة مشروع تقرير الهيئة الوطنية للتقييم حول المرحلة التجريبية لمشروع “المدارس الرائدة”، أكدت بورقية أن “وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تؤثر بعمق في تفكير الأجيال الجديدة، التي لم تتلق تربية رقمية تحصنها من مخاطر هذا العالم الافتراضي”. وأضافت أن هذا الواقع يفرض وعيًا جماعيًا بضرورة إعادة النظر في وظيفة المدرسة، وفي طبيعة الإصلاحات التي يجب أن ترافق العصر الرقمي.
أزمة تربية في زمن الخوارزميات
أوضحت المتحدثة أن التقدم التكنولوجي السريع يضع المنظومة التعليمية في مواجهة تحديات مستجدة، يصعب أحيانًا مواكبتها نظرا لتسارع الاكتشافات وتأثيرها المباشر على العملية التربوية. وشددت على أن غياب تأطير رقمي ملائم قد يؤدي إلى نشوء “كائنات رقمية” منفصلة عن الواقع، خاضعة بالكامل لسلطة الخوارزميات، وهو ما يشكل خطرًا حقيقيًا على تكوين أجيال متوازنة فكريًا ونفسيًا.
ورغم أهمية إدخال الوسائل الرقمية في التعليم، ترى بورقية أن الأمر لا ينبغي أن يقتصر على استخدام السبورة الرقمية أو التطبيقات التقنية، بل يجب أن يمتد إلى إحداث ثورة ثقافية رقمية، ترسخ في التلاميذ القدرة على التفكير النقدي في التعامل مع المعطيات الرقمية، وتعلمهم التمييز بين المعرفة والمحتوى الزائف الذي ينتشر على منصات التواصل.
إصلاح جذري يتجاوز الشعارات
وحذرت رئيسة المجلس من الاستمرار في طرح إصلاحات شكلية لم تعد تواكب عمق الأزمة، مؤكدة أن مفهوم “الإصلاح” فقد معناه بفعل الاستعمال المتكرر دون أثر ملموس على الواقع. ودعت إلى ضرورة استهداف الأعطاب البنيوية التي تعيق التطور، معتبرة أن المرحلة القادمة يجب أن تنظر إليها كفرصة حاسمة لإحداث تغيير جذري، يعمّق ويُسرّع من وتيرة الإصلاحات الأساسية.
نحو نموذج تربوي متجدد
وفي سياق حديثها عن التطور العالمي في مجالات التربية والتكوين، شددت بورقية على أن العالم بأسره يعيش تحولات دائمة في علوم التربية ونظريات التعلم، مما يفرض على الفاعلين التربويين بالمغرب العمل بنموذج تربوي مبتكر، يستجيب لرهانات الحاضر واستشرافات المستقبل.
وختمت مداخلتها بالتأكيد على أن النجاح في تحقيق هذا التحول يمر عبر تفعيل التنسيق بين مختلف المؤسسات الفاعلة في التربية والتكوين والبحث العلمي، رغم تباين مهامها، وذلك من أجل إحداث نقلة نوعية تعالج مكامن الضعف في المنظومة وترسخ تعليمًا ذا أثر ملموس.
يشار إلى أن جدول أعمال الجمعية العامة تضمن تقديم عرض مفصل حول تقييم تجربة “المدارس الرائدة”، إضافة إلى مناقشة مشروع إحداث “مجموعة عمل خاصة” تعنى بالتكوين المستمر، كآلية لتعزيز مهنية الفاعلين التربويين ومواكبة التغيرات الحديثة.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close