الوحش “الغلماني” يزور المملكة من جديد .. هل المغرب تنتظره حرب حقوقية في المستقبل القريب ؟

مصطفى منجم
عندما يصل مصطلح ال”بيدوفيليا” أو ال”غلمانيا” إلى أذنيك ينتابك نوع من الغضب والاستفزاز وقد يصل بك الأمر إلى حد الانتقام، حتى لو كان الموضوع ليس له أي علاقة بك لا من قريب ولا من بعيد، سوى أنك تملك ضميرا مجتمعيا حيا يجعلك تتفاعل مع قضايا المجتمع الدائر به بحرقة.
منذ بداية الالفينيات وخاصة في سنة 2018 بدأ موضوع “اشتهاء الأطفال” يتصدر عناوين الصحف والجرائد الغربية، باجتهادات جميع الفاعلين منهم الاعلام الاوروبي والاطباء، وحتى الأشخاص الذين يعانون من هذا “الوصم القاسي” والذين يدافعون بكل دليل غائب لاضفاء شرعية حقيقية لهذا العبث المجتمعي.
هذا الموضوع الساخن في ذاك الوقت انتقل عبر المحيط ليثبت قدماه في الولايات المتحدة الأمريكية، التي بدأت تعالجه لكن بامتعاض العديد من المتدخلين على رأسهم الصحفي الأمريكي سيلواين ديوك الذي قال “لو ذهبت إلى أحد الأشخاص في 1950م، وأخبرته أنه خلال جيلين فقط سيكون الشذوذ الجنسي أمرا عاديا ومقبولا، سيرد عليك فورا بأنك شخص مجنون”.
في حين تفاعل السياسي الامريكي آلان ويست مع حدث الساعة والمثار والذي علق عليه بأن “الأطباء النفسيون يعملون الآن بإعادة تعريف البيدوفيليا بالطريقة نفسها التي تم إعادة تعريف الشذوذ الجنسي بها منذ عدة سنوات ماضية” استنتاجا من هذه الاقتباسات أن هناك تيارات تعمل على أجندة تحاول من خلالها تمرير ال”سم” إلى الشعوب تحت ذريعة الحرية الفردية، وجعل مصطلح البيدوفيليا كعلاقة عادية كباقي العلاقات الاخرى، التي تقاسمت مع المجتمعات هواء الحرية والمساواة.
من الطبيعي أن مثل هذه الشعوب التي تختلف اختلافا شاملا وواسعا عن الشعوب الإسلامية، تعطي أهمية بالغة لهذه المواضيع لكونها تدخل في إطار الحرية الفردية والتي تعمل عليها المجتمعات الغربية بقوة لعدة اعتبارات، وتتمسك بها لأن الحقوق الممنوحة للافراد غير مقيدة لا بعادات ولا تقاليد ولا بتوابث دينية.
عكس المجتمعات الإسلامية التي تستمد شرعيتها من القرآن والسنة، مطوقة بأكوام من العادات والتقاليد المتجذرة، والتي تعطي طابع اخر لتصرفات الأفراد داخل مجتمعهم، لذلك يرفض محيطنا رفضا قاطعا مناقشة هذه الأمور أو المواضيع التي تسير في طريق مسدود وتكون نتائجه عقيمة.
نتحدث على المغرب كحالة خاصة لكونه يحمل تاريخا مع مثل هذه الأحداث المجتمعية، والتي تختزلها ذاكرة المجتمع المدني السوداء، فعند وقوع حادث ما يتعلق باغتصاب طفل قاصر او طفلة تنفجر نقشات بعمقها الإجتماعي، لتطفوا فوق السطح آراء واقتراحات حقوقيين ومواطنين وفاعلين جمعويين تصب دائما نحو الردع والزجر.
لنعيد عقارب الساعة إلى الوراء من أجل النبش في قضايا المجتمع الماضي وأيضا لفهم سياق الموضوع، الجميع يتذكر جريمة اغتصاب وقتل الطفل عدنان في مدينة طنجة، وما خلفته من رواج حقوقي، وقضية الفقيه المتحرش بالأطفال “البيدوفيل” المتهم باغتصاب 6 طفلات قاصرات داخل كتاب قرآني بنفس المدينة.
هذه الجرائم ينظمها القانون الجنائي ويقضي بمعاقبة المتهم في قضية اغتصاب طفل دون سن الـ12 عاما، بالسجن من 5 إلى 10 سنوات، هذه العقوبة قد تصل في الحالات المشددة إلى 20 عاما في حال اقترانها بالتهديد والعنف.
كما ينص الفصل 474 من نفس القانون على إعدام المتهم إذا أعقب جريمته بعملية قتل، إلا أن العقوبة لم تطبق داخل سجون المغرب منذ العام 1993.
أما الفصل 475 من القانون الجنائي الذي كان يسمح للمغتصب بالزواج من ضحيته القاصر، عرف تعديلات بفعل قضية أمينة الفيلالي، الفتاة التي انتحرت احتجاجا على تزويجها من مغتصبها، والتي أثارت ضجة كبيرة وواسعة في المغرب.
فحادث الجديدة الأخيرة أعاد خطابات الحقوقيين والمجتمع المدني إلى الواجهة، إذ تعالت الأصوات مرة أخرى تنادي بضرورة تفعيل حكم “الإعدام” لوضع قطيعة مع هذه الأفعال الشنيعة، بل اجتهدت شريحة أخرى عملت على تعليق مقترحاتها ضمن مقترحات ال”سخطين” عن الوضع، والتي دعت من خلالها إلى تنفيذ عقوبة “الاخصاء” بهدف وضع “عبر” حية لباقي الغلمانيين.
كل الأصوات اتجهت نحو تجديد النظر في العقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي، والتي وصفها البعض بأنها عقوبات متساهلة مع المعتدين، قد تجبر وزير العدل والساهرين على هذا المجال إلى فتح مجددا باب التعديل لملء الفراغ والتصحيح ما يمكن تصحيحه، قبل أن تتلاشى العزيمة وتضمحل الواقعة، فالسؤال الختامي لهذا المقال “هل المغرب تنتظره حرب حقوقية في المستقبل القريب ؟”.