مجتمع

رُغماً عن أنف كورونا وعَطْسَتها المغاربة يختارون التعليم الحضوري لأبنائهم..

حمزة لخضر يكتب..

قضي الأمر الذي فيه تستفتيان واختار المغاربة بنسبة بلغت 80 بالمائة التعليم الحضوري لأبنائهم وبناتهم.
واضعين بذلك وزارة أمزازي في امتحان عسير، في تَحَدٍّ جريء للمخاوف التي أثارتها ولا تزال جائحة كورونا، التي قلبت الموازين وجعلتنا جميعا نقف أمام أنفسنا عَلَّنا نعيد حساباتنا في كثير من قضايانا وعلى رأسها قضية التعليم ومسألة الصحة ومختبرات البحث العلمي.

استمارات كثيرة وقعها أولياء أمور التلاميذ ووضعوها لدى المؤسسات التعليمية، موضحين رغبتهم الجامحة في أن يتعلم أولادهم وبناتهم من داخل حجرات الدرس لا من غرف البيت. فلا شيء قادر على أن يعوض الأستاذ مهما بلغت التقنيات الحديثة من تطور، تظل للسبورة هالتها وللفصل حُرمتهُ وللأستاذ هيبته ولرسالة التعليم قدسيتها.

في حديثه على القناة الثانية قال سعيد أمزازي إن الأسر المغربية اختارت التعليم الحضوري، وهو أمر يجعلنا نفهم أن التعليم عن بعد لم يرقى لمستوى تطلعات الأسر المغربية، لكنها تبقى تجربة فريدة علينا تثمينها والعمل على تجويدها مستقبلًا، فلا أحد يستطيع أن يضمن ما قد يحدث مرة أخرى في عصر الفيروسات والجوائح والخفافيش القاتلة، ورغم عدم رضى الكثيرين عن هذه الصيغة الجديدة إلا أننا يجب أن نعترف أنها المرة الأولى التي ننتبه فيها إلى أن المستقبل قد يعني مدرسة رقمية ولوحا إلكترونيا، وعليه فقد صار لزامًا على الدولة أن تستعد جيدًا لما هو آت، وتسخر عقول الضالعين بهذا المجال فيه خدمته وتطويره ليكون في متناول الجميع.

النقطة الأخرى التي تطرق لها معالي الوزير وهي العمل بمسطرة التفويج وأن يكون داخل كل قسم من 15 إلى 20 تلميذًا فقط، وهو أمر بالغ الصعوبة إن لم نقل مستحيل خصوصًا في فضاءات المؤسسات العمومية التي لطالما عانت ولا تزال تعاني من الاكتظاظ، وهو ما قد يؤزم الوضع أكثر، ويجعل من تطبيق الإجراءات الاحترازية كالتباعد الاجتماعي مهمة غاية في الصعوبة.

على الضفة الأخرى تقف 20 بالمائة تلك التي اختارت التعليم عن بعد، وهذا حقها طبعا وكان الله في عون قلوب الآباء والأمهات الذين عبروا عن مخاوفهم من أن تصاب فلذات أكبادهم، فهل أعدت الوزارة عُدَّتها جيدًا لضمان نجاح هذه الصيغة للمرة الثانية بعد رفع الحجر الصحي..؟!

لقد نادينا ونادى الذين من قبلنا ولا تزال الأصوات إلى اليوم تُرسل صرخات استغاثة تطالب المعنيين وعقلاء البلاد بالتدخل لإصلاح منظومة على كتفيها تقف المجتمعات والأمم، فمن حق التلميذ الذي يجلس بمدرسة يتيمة تشبه متحفًا مهجورًا هناك خلف الجبال أن يحظى بنفس التعليم الذي يستفيد منه تلميذ يجلس مطمئنا داخل فصل مزهو بألوانه وبالرسومات التي تزين جدرانه في وسط حضري.

واليوم نؤكد أن كورونا ما هي إلا لمحة عما هو قادم في المستقبل فقد وَلَّى زمن الحروب بالبنادق والمدافع والقنابل النووية وبتنا نعيش زم الحروب البيولوجية والفيروسية اللعينة، وسيكون من العار علينا ألا نستفيد ونبدأ من الآن في تهيئة جيش من التلاميذ القادرين على إدارة مختبرات البحث العلمي مستقبلًا، دون أن نصادف في زمن آخر عند دخول مدرسي آخر رسالة مؤلمة كهاته والتي كتبتها أستاذة والمصدر جريدة الأستاذ تقول فيها : “التحقت اليوم قصد توقيع محضر الدخول، التحقت والشعارات الوزارية تتردد في أذني، التحقت وأنا أعلم علم اليقين أن ما قيل هنا وهناك لا علاقة له بالواقع، التحقت وأنا أُمني نفسي بالتغيير، خطوت بحذر باحثة عن أسهم التشوير، عجبا لاتوجد، استنشقت بعمق علني أشم رائحة معقم، عجبا لا يوجد، انتظرت قياس حرارتي، عجبا لم تؤخذ، آه لا بد أنهم وضعوا هذه الأشياء الثمينة والتي لم يسبق أن جادوا بها علينا بحجرة ما، دخلت قاعة الاجتماع، لا حواسيب ولا شيء مما قيل، الحال على ما هو عليه، لم تتوصل المؤسسة بأي شيء، أي شيء، آه لابد أننا أسأنا الفهم، القرارت الصادرة لا تتعلق بنا، ولا بعالمنا، إنهم يقصدون مدارسهم الخاصة وعالمهم الخاص، فكيف يعقل بمدارس تفتقر الماء، الكهرباء، الأسوار، الوسائل… أن تزود بالانترنيت! فعذرا سامحونا، خرجت وأنا أتساءل كيف أقنعك يا صغيري ويا صغيرتي أن كل ما قيل مجرد كذبة جميلة…”

ما نريده هو أن نكون جميعا عند مستوى اللحظة وما تُمليه الظرفية من تشابك للأيدي وتعاضد الجميع حتى نخرج منتصرين في حرب العدو فيها لا نراه ويتربص بنا، وبجهازنا التنفسي. ما نريده حقًا يا معالي الوزير بعد أن وضعنا جميعا سلامة أبنائنا وبناتنا على رقبتك أن توفروا ما يلزم مؤسساتنا العمومية ما يقيها شَرَّ عطسة تظل بريئة حتى تثبت “كورونيتها”..
نريد مُعقمات وعلامات تشوير داخل مؤسساتنا وقلوب تُرَغِّبُ ولا تُنَفِّر لنجتاز الظرف بأمان ونحتفل حقًا بمدرسة النجاح، مدرسة لا تزال تقاوم الزمن وعوامل تعريته ليخرج من صلبها من يحب الوطن ويسعى في صلاحه، وينشد رغمًا عن أنف “كورونا” :

مدرستي الحلوة مدرستي الحلوة..

فيها تعلمنا فيها تربينا..

قولوا معنا يا للي تحبونا..

تحيا مدرستي الأم الحنونة..

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close