دولي
حكم غيابي بالسجن 22 عاما على الرئيس الأسبق لتونس منصف المرزوقي وسط تصاعد الانتقادات الحقوقية

أصدرت محكمة تونسية حكمًا غيابيًا يقضي بسجن الرئيس الأسبق للبلاد، منصف المرزوقي، لمدة 22 عامًا بتهم تتعلق بـ”الإرهاب”، وفق ما نقلته تقارير إعلامية محلية ودولية يوم السبت. ويأتي هذا الحكم في سياق سلسلة من الأحكام القضائية التي طالت شخصيات سياسية معارضة، ما أثار جدلًا واسعًا حول مستقبل الحريات العامة والمسار الديمقراطي في تونس.
وصدر الحكم مساء الجمعة في حق المرزوقي، الذي يقيم حاليًا في المنفى بفرنسا، إلى جانب أربعة متهمين آخرين، بينهم عماد الدايمي، المستشار السابق للرئيس الأسبق، وعبد الرزاق الكيلاني، نقيب المحامين التونسيين السابق. ويذكر أن المرزوقي سبق أن أدين غيابيًا في قضايا أخرى، من بينها “المساس بأمن الدولة” و”التحريض على الفوضى”، حيث حكم عليه بالسجن 12 عامًا في قضايا منفصلة.
الحكم الأخير جاء عقب مؤتمر صحافي عقده المرزوقي في باريس، وجه فيه رفقة الدايمي والكيلاني انتقادات شديدة لمؤسسات الدولة التونسية وأعضاء من السلك القضائي، بحسب ما أوردته مصادر إعلامية. وفي أول تعليق له، وصف المرزوقي في بيان هذه الأحكام بأنها “سريالية” وتستهدف “خيرة رجالات تونس”، معتبراً أنها تثير “سخرية العالم”، على حد تعبيره.
تراجع الحريات يثير قلق المنظمات الحقوقية
منذ قرارات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو2021، والتي شملت احتكار السلطات التنفيذية والتشريعية، وتغيير الدستور لتعزيز صلاحياته الرئاسية، حذرت منظمات حقوقية من تدهور منسوب الحريات المدنية والسياسية في البلاد. وشهدت تونس منذ ربيع 2023 حملة اعتقالات طالت عشرات المسؤولين السياسيين، والمحامين، والصحافيين، والناشطين، وخصوصًا المدافعين عن قضايا الهجرة، وذلك بموجب مرسوم يعاقب على نشر “الأخبار الزائفة”، ما فتح الباب، بحسب مراقبين، أمام تأويلات قضائية فضفاضة.
وفي هذا السياق، دعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في فبراير الماضي، السلطات التونسية إلى وقف ما وصفته بـ”اضطهاد المعارضين السياسيين” واحترام حرية الرأي والتعبير، مطالبة بالإفراج الفوري عن المعتقلين من كبار السن ومن يعانون مشاكل صحية. إلا أن الحكومة التونسية عبّرت عن “بالغ استغرابها” لتلك الانتقادات، مؤكدة أن الملاحقات القضائية تطال متهمين بجرائم حق عام، لا علاقة لها بأنشطتهم السياسية أو الإعلامية.
المسار الديمقراطي أمام اختبار صعب
بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي عام 2011، كانت تونس تعتبر نموذجًا للتحول الديمقراطي في المنطقة. غير أن التطورات الأخيرة، بحسب محللين، باتت تضع هذا المسار على المحك، في ظل تزايد الأصوات الدولية والمحلية المحذرة من الانجراف نحو السلطوية وتقويض مكتسبات الثورة.
ويبقى السؤال المطروح: إلى أي مدى ستتمكن تونس من استعادة التوازن بين حفظ الأمن وضمان الحقوق والحريات الأساسية لمواطنيها في ظل هذا المشهد المعقد؟
فاطمة الزهراء الجلاد.