مجتمع

ارفع رأسك يا أستاذ

قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، قالها أحمد شوقي لأنه أدرك حينئذ أن الأستاذ أو المعلم في المدرسة هو خير ربان للوصول إلى بر الأمان و أن كل معاني المثالية إلتصقت بهذا المعلم .

كاد المعلم أن يكون رسولا، لأن أمير الشعراء في العصر الحديث رأى و أبصر بأن المعلم كان هو الأب و الأم و الأخ قبل أن يكون معلما و لمس فيه مظاهر التضحية و الغيرة على أبناء مجتمعه قبل أبناء أسرته .

كاد المعلم أن يكون رسولا ، لأن كلمة المعلم حينها لم تكن لتضاهيها كلمة كيف ولا و إذا مر المعلم فالكل يبسط جناحيه له ، كونهم أدركوا أن من يمر هو العلم بحد ذاته .

كاد المعلم أن يكون رسولا ، لأن المعلم ببساطة كان إنسانا مقدسا بكل ما تحمله هذه الكلمة و إسما حقيقيا على مسمى .

كاد المعلم أن يكون رسولا ، هو السر في جواب أي طفل تسأله عن طموحاته و آماله مستقبلا ، فلا يجيب إلا بعبارة واحدة لاغير ، أريد أن أصبح معلما .

كلمة نبعت من مجتمع كان نبضه المعلم وروحه المعلم وكيانه المعلم .
كاد المعلم أن يكون رسولا هل بات لهذه الكلمات وقع في زماننا اليوم ، ولعلي أنطلق هنا على سبيل المثال و ليس الحصر لما تشهده المنظومة التربوية في بلادنا ، المعلم أو الأستاذ التي أصبحت أخباره تتصدر عناوين صحفنا وهيهات لو كانت أخبارا تثلج الصدور و تطمئن القلوب .

المعلم الذي أصبح الحاضر بقوة في نكتنا المتداولة و البطل الأول في كاريكاتور الصحافة ، كيف لشعر أحمد شوقي أن يجد صداه في ظل إنقلاب المفاهيم رأسا على عقب وفي وقت راح الإسم يبحث عن مسماه .

كاد المعلم أن يكون رسولا ، كلمات ضاع معناها في عالم أصبح المعلم يفقد الكرامة، نعم من حق الأستاذ أو المعلم أن يطالب بزيادة الأجر و تحسين ظروفه لأن هذا أقل شيء نقدمه لشخص يلقن أبنائنا العلوم لتنوير العقول، لكن ليس من حقنا أن نهين معلمنا ، لا اعرف ما الذي جعلني أحس بأن الواقعة بكل عناصرها المادية تؤشر على انهيار وطن بكامله. . على اعتبار ان القيم هي الأساس في بناء أية دولة ..

المعلم يفتقد إلى أبسط حقوقه كمعلم ، لكنه يكافح ويجاهد ، لشيء واحد لاغير هو العلم ولم يفكر يوما أن ما يقوم به لنيل الأجور بل فقط من أجل إحياء من في القبور .

كاد المعلم أن يكون رسولا ، كيف يكون هذا و الوضع يسائلنا جميعا ..يسائل مستقبل هذا البلد .. يسائل مؤسسات الدولة ومسؤولي القطاع الذي يعتبر من أهم روافع التنمية البشرية ..ومآل إنفاق 41 مليار درهم كميزانية لما سمي بالبرنامج الاستعجالي .. الظاهر انها ذهبت هباء منثورا لنصل الى هذا الحد من التدهور والخطورة ..

كاد المعلم أن يكون رسولا ، هل لأن المعلم اليوم أضحى يخجل أن يقولها أمام الملأ بأنني معلم ، أو الإبن الذي يحمر وجهه خجلا عندما يسئل ماذا يعمل والدك ليجيب بأن والدي معلم .
أين هو المعلم اليوم من كلمات أحمد شوقي التي تغنت بكل الأغاني لما صنعه الأستاذ من معجزات ، لقد تجرد المعلم من ثوبه الحقيقي ، الثوب الذي لطالما كان نورا على نور بل شمعة تحرق نفسها لتضيء من حولها.

كاد المعلم أن يكون رسولا ، من المسؤول عن غياب هذه الكلمات في روح مجتمعنا اليوم ، أكيد إنه ضمير المسؤولين عن القطاع و المجتمع و الكل مسؤول عن الجريمة .

ولنعلم جميع ان مستقبل الغد .. لا “تي جي في” ..ولا القمر الاصطناعي ..ولا…ولا.. ان لم نقف اليوم وبحزم كبير وصارم وعلى أعلى المستويات لوضع حد لهذا الانهيار .. وإحداث زلزال حقيقي في القطاع الوصي على التربية والتكوين ينطلق من إعادة الاعتبار للأستاذ وكرامته كمدخل واحد ووحيد للإصلاح ..هي ثورة مجتمعية تعني الجميع ..

كاد المعلم أن يكون رسولا ، كلمات غابت و فقدناها و نفتقدها على أمل أن نعيدها بأحسن صياغة و تركيب .
و إلى أن نعيدها علينا أن ندرك فحوى كلمات تقودنا إلى أن من علمني حرفا صرت له عبدا .

إعلان

قد يعجبك ايضا

أضف تعليقاً

Back to top button
Close
Close