الإعلام المغربي بين الحرية والمسؤولية: دور حاسم في مراقبة الأداء الحكومي
يشهد المشهد الإعلامي المغربي تعددية واضحة على مستوى الصحافة المكتوبة، السمعية البصرية، والمنصات الرقمية. ورغم ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من هذا الإعلام يواجه ضغوطًا مباشرة وغير مباشرة تحد من استقلاليته.
فمن جهة، تستمر القيود القانونية التي تُجرّم “المساس بالمؤسسات” أو نشر أخبار “تضر بالنظام العام”، مما يدفع بعض الصحفيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية. ومن جهة أخرى، تُمارَس ضغوط اقتصادية من خلال التحكم في الإعلانات، خاصة تلك التي تصدر عن مؤسسات عمومية وشركات كبرى.
ورغم هذه العقبات، برزت نماذج إعلامية لعبت دورًا مهمًا في مراقبة الأداء الحكومي، سواء عبر كشف ملفات فساد أو تسليط الضوء على قصور في تنفيذ السياسات العمومية. في هذا السياق، كانت قضايا مثل تدبير مشاريع البنية التحتية، التعليم، والصحة حاضرة بقوة في التغطيات الإعلامية التي دفعت في بعض الأحيان إلى تحريك الرأي العام أو التدخل الرسمي لمعالجة الوضع.
الإعلام الرقمي المغربي شكّل بدوره مساحة جديدة للنقاش ومراقبة الأداء الحكومي. بفضل سرعة النشر والتفاعل المباشر مع الجمهور، أصبحت المنصات الرقمية أداة مؤثرة قادرة على فضح الاختلالات، رغم التحديات المتعلقة بالمصداقية وانتشار الأخبار الزائفة. إلا أن غياب إطار قانوني متوازن يضمن حرية أكبر مع تعزيز المسؤولية المهنية يبقى عقبة أمام تطور الإعلام الرقمي ليصبح فاعلًا حقيقيًا في الرقابة.
إذا كان الإعلام يُعتبر سلطة رابعة، فإن نجاحه في ممارسة دوره الرقابي يستلزم إصلاحات جوهرية على مستوى الإطار القانوني، دعم الاستقلالية المالية، وتعزيز التكوين المهني للصحفيين. إضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة نفسها تبني سياسة شفافة تتيح للصحفيين الوصول إلى المعلومات بسهولة، مما يعزز الثقة بين الإعلام والمؤسسات الحكومية.
يبقى الإعلام المغربي أمام مفترق طرق. فإما أن يستثمر هذه اللحظة التاريخية لتعزيز دوره كأداة رقابية قادرة على تحسين الأداء الحكومي، أو يظل محاصرًا بين ضغوط النظام وضعف المهنية، مما يحد من تأثيره كمحرك للتغيير وبناء ديمقراطية حقيقية تعكس تطلعات المغاربة.