ديربي الأشباح: بين وداد مترنح و رجاء فاقد للبوصلة

شكلت مواجهة الديربي عبر التاريخ حدثا بارزا تتوقف معه عقارب الساعة طيلة أسبوع كامل ، و تكتسي فيه أزقة و شوارع البيضاء اللونين الأخضر و الأحمر ، كان أسبوع الديربي بمتابة قبلة الحياة لساكنة المدينة الإقتصادية و فرصة ذهبية لتحديد الطرف الأقوى كرويا ، ترقب ، أهازيج ، رايات و “كلاشات ” من هنا و هناك .
عودتنا مباريات الديربي على طقوس خاصة و أجواء احتفالية منقطعة النظير بين جمهور الفريقين ، ملعب ممتلىء عن آخره قبل ساعات من انطلاق المواجهة “تيفوات” ، كراكاج ، و رسائل مشفرة من كلا الجانبين ، لكن مع مرور الوقت انقلبت الأمور رأسا على عقب و أضحى الديربي مباراة ” أشباح” و لقاء عابر من دون طعم ، مستوى ضعيف و آداء باهت و جمهور فاقد للشغف تماما.
يطل علينا لقاء الديربي نهاية الأسبوع الجاري في ظرفية صعبة للفريقين بعد خروجهما المبكر من منافسات كأس العرش و ابتعادهما عن منصات التتويج مبكرا هذا الموسم في مشهد غير مألوف ينم عن التراجع المهول في مستوى قاطرتي كرة القدم المغربية.
الرجاء و بعد موسم استثنائي توج خلاله الفريق بازدواجية تاريخية و من دون هزيمة ، وجد نفسه يصارع على ضمان البقاء بعد مسار كارثي و أخطاء تسييرية قاتلة عصفت بموسم الفريق مبكرا بعد الخروج من دور مجموعات رابطة الأبطال الإفريقية و ابتعاده عن “البوديوم” بالدوري المغربي ، بل و تعداه الأمر إلى أن صار الفريق ينافس على ضمان البقاء ، البطل الذي لم يهزم فقد الكثير من هيبته و جبروته حيث أضحى نسرا جريحا و لقمة صائغة لأضعف الخصوم منهيا الموسم مبكرا بإقصاء مذل و مر أمام الإتحاد الإسلامي الوجدي بمنافسات كأس العرش.
يدخل الرجاء مواجهة الديربي محتلا المركز الثامن بترتيب الدوري ، و من دون حوافز بعد نهاية موسمه مبكرا بحثا عن مصالحة اأنصاره و مداواة جراحه بفوز معنوي على الغريم الأزلي رغم تواضع مستوى لاعبيه و مقاطعة جماهيره للمباراة احتجاحا على إغلاق ” دونور” لأزيد من عام و نصف ، عانى خلالها الفريق من كترة التنقلات و شح الموارد المادية و هو ما انعكس بالسلب على ميركاتو الخضر بضمه لأسماء دون المستوى ساهمت و بشكل كبير في تراجع آداء الرجاء و تقهقره الفني و التقني.
في المقابل ، لم يسلم النصف الثاني للبيضاء من ويلات النتائج السلبية و تراجع المستوى ، الوداد الذي كان إلى حد قريب بعبعا يهابه الجميع محليا و افريقيا ، باسطا سيطرته على الجميع بحصده للأخضر و اليابس ، وجد نفسه اليوم يعيش تحت وطأة مخاض تقني و فني عسير و هو ما دفع بجماهير النادي الأحمر إلى رفع حق الفيتو في وجه مدرب و رئيس النادي بعد خروج الفريق خالي الوفاض هذا الموسم و بخفي حنين .
إقصاء مبكر من كأس العرش و رتبة ثالثة لا تعكس إطلاقا مكانة و طموح جماهير و محبي القلعة الحمراء ، و هي التي قدمت الدعم و السند للأسمراني موكوينا أملا في إعادة الفريق إلى سكة الألقاب ، لكنها اصطدمت بواقع مر و مستقبل غامض في ظل انتداب لاعبين متواضعين و بمبالغ كبيرة ، فضلا عن مدرب أفقد النادي هويته و هيبته بحصده لهزيمة تلو الأخرى و بحصص عريضة.
رغم كترة المشاكل و تدبذب المستوى لازال أمام الوداد فرصة ذهبية لخطف مركز الوصافة و العودة إلى منافسات دوري أبطال افريقيا الموسم المقبل رغم المنافسة الشديدة مع كل من الفتح الرياضي و الجيش الملكي ، و هو ما سيشكل حافزا معنويا كبيرا للوداد للفوز بالديربي و انقاد موسمه أملا في مصالحة جماهيره الغاضبة و إن كانت لا ترضى إلى بالألقاب .
فبأي وجه سيدخل الفريقان مباراة الديربي ، في ظل الإكراهات العديدة التي يعاني منها الطرفان؟