دوليسياسة

الغابون تعود إلى أحضان الاتحاد الإفريقي: طي لصفحة الانقلاب أم صفقة سياسية صامتة؟

 

أعاد قرار مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، يوم الأربعاء، برفع تعليق عضوية الغابون، هذا البلد الواقع في وسط القارة، إلى واجهة النقاش السياسي الإفريقي، في لحظة حساسة تمر بها القارة على صعيد الاستقرار السياسي، والتحولات الجيوسياسية الإقليمية.
وكانت عضوية الغابون قد جمدت عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في البلاد في غشت 2023، وهو الإجراء الذي يأتي ضمن الآليات التي يعتمدها الاتحاد الإفريقي لمواجهة التغييرات غير الدستورية للحكم، وهي سياسة شدد عليها مرارًا في سعيه لترسيخ الديمقراطية والحكم الرشيد في القارة.
قرار يعكس مرونة سياسية واستراتيجية التهدئة
القرار الجديد برفع التعليق لا يقرأ فقط كإجراء إداري، بل يحمل في طياته مؤشرات على أن الاتحاد الإفريقي بدأ في تبني نهج أكثر واقعية ومرونة تجاه الأزمات الداخلية لدوله الأعضاء. إذ يبدو أن المنظمة القارية قد اختارت، في حالة الغابون، مسار إعادة الإدماج السلس، بدلاً من التصعيد والعزل الطويل.
في هذا السياق، قال وزير الخارجية الغابوني، ميشيل ريجيس أونانغا ندياي، خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع المغلق لمجلس السلم والأمن، إن “الغابون تعود اليوم إلى بيتها الإفريقي بعزم جديد على بناء المستقبل”، مضيفًا أن بلاده ملتزمة بالمساهمة في أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي، التي ترسم ملامح التنمية والتكامل القاري.
أجندة 2063 والمساءلة السياسية
ورغم هذا الخطاب الإيجابي، يظل سؤال المساءلة السياسية مطروحًا، خاصة أن العودة جاءت دون إشارة واضحة إلى التزامات ملموسة بإعادة المسار الديمقراطي أو إجراء انتخابات شفافة. وهو ما قد يثير قلق بعض المراقبين بشأن مدى جدية الاتحاد الإفريقي في فرض معاييره الديمقراطية، أم أن المصلحة السياسية والجغرافية قد بدأت تطغى على المبادئ.
وفي الوقت نفسه، يعكس هذا التطور أيضًا رغبة الغابون في إعادة التموضع إقليميًا، وتفادي العزلة الدولية التي يمكن أن تؤثر سلبًا على وضعها الاقتصادي والمالي، خاصة في ظل التحديات المتزايدة في منطقة وسط إفريقيا.
العودة مشروطة بثقة تبنى
تعد عودة الغابون إلى الاتحاد الإفريقي بداية مرحلة جديدة، لكن نجاح هذه المرحلة سيعتمد على مدى التزام القيادة الغابونية بمسار الإصلاح، ومدى قدرة الاتحاد على مراقبة هذا الالتزام وتوجيهه.
فالعودة إلى “الأسرة الإفريقية” ليست غاية في حد ذاتها، بل خطوة تتطلب مصارحة، مراجعة، وتخطيط حقيقي ينسجم مع تطلعات الشعوب الإفريقية نحو حكم شفاف وتنمية عادلة.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close