سياسة

المغرب يعيد رسم خريطة التحالفات الإفريقية: بوابة الأطلسي لدول الساحل تثير قلق مدريد!!

في تحرك جيوسياسي لافت يحمل أبعادا استراتيجية تتجاوز حدود إفريقيا، شرع المغرب في تعميق علاقاته مع دول الساحل الإفريقي – مالي، بوركينا فاسو، والنيجر – عبر مشروع طموح يهدف إلى تمكين هذه الدول الحبيسة من منفذ بحري على المحيط الأطلسي، انطلاقًا من الأراضي الواقعة جنوب المملكة، وتحديدًا في منطقة الصحراء المغربية.
هذا المشروع، الذي كشفت تفاصيله صحيفة “El Español” الإسبانية، يمثل تحولًا نوعيا في معادلات القوة بالمنطقة، خاصة أنه ينفذ بالقرب من جزر الكناري، ما أثار ردود فعل متوجسة في مدريد وأروقة الاتحاد الأوروبي.
المغرب وحلف الساحل: شراكة تتجاوز الاقتصاد
بحسب الصحيفة، يعمل المغرب على بلورة خطة استراتيجية متقدمة بالشراكة مع ما يعرف بـ”تحالف دول الساحل”، تتيح لهذه الدول المعزولة جغرافيا الوصول إلى البحر، عبر ممرات لوجستية تنطلق من التراب المغربي. ويستند هذا المشروع إلى علاقات دبلوماسية وأمنية متينة نسجها المغرب مع دول الساحل في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد الانقلابات العسكرية التي غيرت خريطة التحالفات التقليدية، ودفع هذه الدول للابتعاد عن فرنسا – القوة الاستعمارية السابقة – نحو شركاء جدد، مثل روسيا والمغرب.
وفي شهادة لافتة نقلها الصحافي الإسباني ألفونسو ماسوليفر، عبر أحد ضباط الدرك الماليين عن إعجابه بالمغرب، وقال صراحة: “يوما ما سنساعد المغاربة على استرجاع الصحراء الغربية”، في إشارة إلى تناغم الرؤية السياسية بين الرباط وهذه العواصم الإفريقية بشأن ملف الصحراء.
رمزية سياسية وموقع استراتيجي يثيران القلق الأوروبي
الخطوة المغربية لا تخلو من رسائل سياسية مشفرة، خاصة أنها تأتي في سياق توترات إقليمية ودولية متصاعدة. ويرى مراقبون أن المشروع يحمل في طياته رسالة غير مباشرة إلى مدريد وبروكسل، مفادها أن المغرب بصدد إعادة تشكيل نفوذه في غرب إفريقيا بشكل غير مسبوق، وعلى مقربة من الحدود البحرية الإسبانية.
كما يتقاطع هذا التوجه مع الطموحات الكبرى للمملكة في التحول إلى قوة وصل قاري، تربط إفريقيا بأوروبا، وتوفر ممرا آمنا وفعالا بين ضفتي الأطلسي. وفي هذا الإطار، يبرز مشروع ميناء الداخلة الأطلسي، الذي أعلن عنه سابقا، باعتباره ركيزة أساسية في هذه الرؤية الطموحة.
 بين الطموح السيادي والهواجس الأوروبية
رغم أن المشروع المغربي يندرج ضمن حقوقه السيادية ومصالحه الاستراتيجية، إلا أن الصحافة الإسبانية ترى فيه مصدر قلق حقيقي، لا سيما أنه يعزز من نفوذ الرباط في محيطها الجيوسياسي المباشر، ويؤثر بشكل غير مباشر في التوازنات البحرية للجنوب الأوروبي.
وفي ظل التنافس المتزايد بين القوى الدولية في إفريقيا، واهتمام الصين وروسيا المتزايد بالقارة، يبدو أن المغرب يسعى إلى تثبيت نفسه كفاعل محوري لا يمكن تجاهله، عبر خلق تحالفات جنوب–جنوب تؤسس لمنظومة إقليمية جديدة، تستند إلى التكامل الاقتصادي والواقعية السياسية.
يبدو أن الرباط تدير ملف تحالفاتها الإفريقية ببراغماتية محسوبة، تراهن فيها على التوازن بين المصالح الاقتصادية، المتغيرات السياسية، والتحديات الأمنية. وفي الوقت الذي تخطو فيه بثقة نحو توسيع نفوذها الإقليمي، تتابع العواصم الأوروبية هذا الحراك بكثير من الحذر، في انتظار ما ستؤول إليه هذه التغيرات الجيوسياسية المتسارعة على ضفاف الأطلسي.
فاطمة الزهراء الجلاد.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close