تحت سماء مدينة السمارة النابضة بالتاريخ والثقافة، انطلقت مساء السبت فعاليات النسخة الثانية من المهرجان الوطني للألعاب التقليدية، المنظم تحت شعار: “الألعاب التقليدية، رافد من روافد الثقافة المحلية”. حدث ينبض بالتراث ويعانق القارة الإفريقية، جمع بين عبق الماضي وآفاق المستقبل.
ويأتي هذا المهرجان، الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الشباب، بشراكة مع جمعية السمارة للألعاب التقليدية، ضمن البرنامج الوطني لمهرجانات الشباب 2025، ليؤكد أن الألعاب التقليدية ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل كنز ثقافي غير مادي يستحق الحماية والاحتفاء.
من 23 إلى 25 ماي الجاري، تحولت مدينة السمارة إلى مسرح حيّ لعرض ثراء الألعاب الشعبية، سواء من المغرب أو من عمق القارة الإفريقية، حيث استقبلت المدينة وفوداً شبابية وفنية من دول مثل السنغال، جزر القمر، غينيا، بوروندي وساو تومي وبرينسيب. وجسدت العروض الفلكلورية والألعاب التقليدية روح التنوع والتلاقي بين الثقافات.
الافتتاح كان مميزاً، حيث تنقل الحاضرون بين أروقة الفرق المشاركة، وتابعوا عروضاً لألعاب حسانية أصيلة مثل “أردوخ”، “كبيبة”، “السيك” و”الضاما”، في مشهد استعاد فيه الجمهور طقوس الطفولة وروح الجماعة، كما استمتع بعروض من جهات المملكة المختلفة ودول إفريقية شقيقة.
وفي كلمته بالمناسبة، شدد مدير المهرجان الحبيب الداعلي، المدير الإقليمي لقطاع الشباب، على أهمية صون هذا التراث الثقافي الحي، معتبراً أن السمارة تسير بخطى ثابتة نحو التحول إلى عاصمة وطنية وإفريقية للألعاب التقليدية. وأضاف أن هذه الألعاب ليست فقط وسيلة ترفيه، بل هي مرآة تعكس غنى التنوع الجغرافي والثقافي للمغرب.
أما عبد المجيد سنيح، رئيس قسم برامج الشباب بالوزارة، فقد أبرز الأبعاد التنموية للمهرجان، مؤكداً أنه يندرج في إطار برنامج وطني شامل لتنمية القدرات الفنية والإبداعية للشباب.
الدبلوماسية الثقافية كانت حاضرة بقوة، إذ شهد المهرجان مشاركة عدد من القناصل العامين الأفارقة المعتمدين بالعيون والداخلة، ما يعكس البعد الإفريقي العميق لهذا الحدث، ويفتح المجال أمام تعاون ثقافي أوسع.
ويتضمن برنامج المهرجان مسابقات شعبية، وزيارات ميدانية للمواقع الأثرية، وسهرات فنية تراثية، بالإضافة إلى ندوة فكرية بعنوان: “دور القوافل التجارية في نشر الألعاب التقليدية”، بمشاركة باحثين وأكاديميين، في ربط ذكي بين الحاضر والماضي.
السمارة إذن، لا تكتفي بالاحتفال بتراثها، بل تؤسس لمستقبل يستلهم من الجذور، ويصبو إلى الريادة الثقافية في المغرب وإفريقيا