مجتمع

نساء ليس كباقي النساء

هن لا تعرفن أي شيء عن 8 مارس، ولا تقرأن ما نكتب عنهن، لم تصنعن بيدهن ولم تحتجزن مكانتهن بين هذه النسوة، لكن الحياة القاسية اختارتهن لتمثلن فئة عريضة من المجتمع، في الوقت الذي تحتفل فيه نساء العالم بيومهن العالمي توجد أخريات مقصيات من ذلك.

بعد أن ذقن مرارة الفقر في بلدهن الأم، غيرن الوجهة صوب أوروبا ظنا منهن أنهن ستجدن رغد العيش هناك، حيث تم ترحيل العاملات الفلاحات اللواتي تم اختيارهن للعمل الموسمي في حقول الفراولة في جنوب اسبانيا.

نساء أغلبهن لم يحالفهن الحظ في التمدرس، لا يعرفن القراءة ولا الكتابة، ولا يعرفن أي شيء عن ما لهن من حقوق، همهن الوحيد هو جلب لقمة العيش لأسرهن، حيث أجبرتهن قساوة الظروف الاجتماعية على الهجرة وترك أزواجهن وأطفالهن، الأمر الذي قد يتسبب لهن في معاناة نفسية تنضاف إلى المعاناة التي تواجهنها أثناء مزاولتهن لعملهن الشاق في الضيعات الفلاحية.

غزلان 35 سنة متزوجة وأم لطفلين تعمل بحقول الفراولة باسبانيا لمدة عشر سنوات لفترات محدودة وبطريقة شرعية، بعد أن عجز زوجها العاطل عن العمل على أن يؤمن لهم ظروف كريمة للعيش ” أذن لي زوجي كي أهاجر إلى إسبانيا لقطف الثمار والفواكه الموسمية، وتركت ابني الصغير الذي لم يتجاوز بعد ثمانية أشهر، رفقة أم زوجي”.

هجرت غزلان متحمسة بلدها وأسرتها إلى جانب زميلاتاها إلى الضفة الأخرى رغبة في تحسين الوضعية الإجتماعية لأسرتها، “كنت أحلم أن أحصل على مبلغ لأشتري به منزلا لأسرتي، إلا أن حلمي تبخر لأن المبلغ الذي أتقاضاه جد قليل مقارنة مع العمل الشاق الذي أزاوله” تضيف غنلان.

تعمل إلى جانب النساء المغربيات نساء من جنسيات مختلفة لكن العاملات القادمات من المغرب تتميزن بخصال حميدة كالتفاني في العمل، والانضباط والحذر من الآخرين، هذا ما جعل المسؤولين الإسبان يتهافتون على اليد العاملة المغربية، لكن في المقابل تتلقى هؤلاء النسوة المكافحات معاملة لا تليق بتفانيهن في العمل.

وغالبيتهن لا تخفين الإحساس بالإحباط الذي قد يصل إلى حد الصدمة، حيث تبين لهن أن تحقيق أحلامهن مستحيل، وأقصى ما يمكن بلوغه هو تحقيق نتيجة التعادل ضد ظروفهن القاسية، ولا يوفرن أي شيء.

ورغم صعوبة تحقيق أحلامهن فإنهن يستمرن في الكفاح، غير أنهن مستاءات من الاقتطاعات من رواتبهن، بدعوى أنه مبلغ مخصص للتأمين الإجباري كي يستفدن من تعويضات مالية، حينما يبلغن سن التقاعد، وفي هذا الصدد قالت خديجة 28 سنة أرملة وأم لطفلة “نعتقد أن ذلك الاقتطاع يضيع منا بلا فائدة”.

كما تواجه عاملات الضيعات الفلاحية شبح التحرش الجنسي، حيث ذكرت خديجة أنها تعرضت للابتزاز الجنسي من بعض العمال وأرباب العمل عدة مرات، لتلبية شهواتهم الجنسية مقابل الحصول على تصاريح الإقامة الدائمة بأوروبا، إلا أنها رفضت ذلك معتزة بشرفها وكرامتها.

وتعاني العاملات بحقول الفراولة، كذلك من مشاكل اجتماعية أخرى، حيث أن النساء الحوامل يخفين حملهم خوفا من أن يتم صرفهن من العمل، إضافة إلى التمييز العنصري الذي تعاني منه، حيث يعمد بعض الرؤساء إلى منح الأفضلية للنساء اللواتي تنحدرن من نفس بلدهم، مما ينعكس ذلك سلبا على نفسيتهن، ناهيك عن مشاكلهن النفسية نتيجة بعدهن عن أسرهن.

وتمثل هذه العينة من النسوة جزء صغيرا من بين النساء اللواتي تعانين من القهر والتهميش، في مجتمع يشهد تورة في ضهور العديد من المنظمات المناضلة والمدافعة عن حقوق الانسان بصفة عامة والنساء بصفة خاصة، لكن في ضل الإكراهات التي تتخبط فيها هؤلاء النسوة، يبقى أملهن كبير في تسوية أوضاعهن وتحقيق العدل والمساواة التي تنص عليها قوانين الدستور، وتطبيقها على أرض الواقع.

نادية الدحماني

قد يعجبك ايضا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق