سياسة

هل يرخي موقف المغرب من أزمة قطر بظلاله على التعاون المغربي الخليجي

لازال موقف المغرب الحيادي اتجاه قضية حصار قطر يرخي بظالله على عالقة المملكة المغربية بدول الخليج فبعد أن
غيرت كل من السعودية و اإلمارات من لهجة خطابها بخصوص الصحراء المغربية عقب نهج المغرب موقف الحياد من
أزمة الخليج و بعد تصويت دول الحصار للملف األمريكي المشترك الحتضان كاس العالم 2026 على حساب الملف
المغربي ها هي اليوم الهيبات و االستثمارات الخليجية الموجه للمغرب تعرف تقلصا غير مسبوق.

-تقلص الهبات
يواجه ثاني مشروع لقانون المالية لحكومة سعد الدين العثماني مجموعة من االكراهات و التحديات في مقدمتها ارتفاع
سوق المحروقات بالسوق الدولي و تقلص الدعم الخليجي للمغرب.
لم تتعد منح مجلس التعاون الخليجي للمغرب مبلغ 5.15 مليون دوالر إلى حدود شهر ماي من السنة الجارية فيما كانت
قد بلغت نفس الفترة من السنة الماضية 112 مليون دوالر و يتوقع المغرب الحصول في العام الجاري على مبلغ 740
مليون دوالر أي بتراجع عن السنة الماضية التي حصل فيها على مبلغ 950 مليون دوالر.
و ال يزال بنك المغرب ينتظر التوصل بالهيبات المتبقية من مجلس التعاون الخليجي و المقدرة ب 7 مليارات درهم
حيث جرى رصد مبالغ الهبات في حساب خاص بالخزينة العامة للمملكة من اجل تمويل مشاريع قطاعات الزراعة و
البنيات التحتية و الصحة و السكن و التعليم و المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
و يشترط لتقديم هذه الهبات وضع مشروعات تنجزها لجان مشتركة كي يتم تحويل المبالغ المتفق عليها بين الطرفين
لالستثمار في مشاريع الهدف من ورائها دعم االقتصاد المغربي و القطاعات الصحية و السياحية.

-تراجع حجم االستثمارات يهدد تجديد التفاق
تحدث الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي في تصريح سابق على أن حجم االستثمارات في المغرب عرف
تراجعا مضيفا أن الهبات الخارجية للمغرب تقلصت هي األخرى. موضحا أن أهم تحديات الحكومة هو تعزيز الثقة
لتحفيز مناخ األعمال و االستثمارات.
و أمام هذا التراجع لحجم االستثمارات و تقلص الهبات الممنوحة للمغرب بدا الحديث عن عدم تجديد دول مجلس
التعاون الخليجي االتفاق الذي تقدم بموجبه منحا للمغرب و الذي ينتهي سريانه نهاية السنة الجارية.
و كان المغرب قد ابرم اتفاقا مع أربع دول من مجلس التعاون الخليجي السعودية و اإلمارات و الكويت و قطر بين
2012 و 2016 يحصل بموجبه على منح بقيمة 5 مليارات دوالر تم التوصل بجزء منه و تبقى منه 740 مليون دولار.
وتم االتفاق على رصد مبلغ الهبات بين 2012 و 2016 لتمويل مشاريع تنموية بالمغرب حيث التزمت البلدان األربعة
بتوفير 25.1 مليار دوالر غير أن تباطؤ وتيرة صرف تلك الهبات جعل مدة استحقاقها تصل إلى العالم الحالي.
و يراهن المغرب على تلك التحويالت هذا العام من اجل المساهمة في حصر عجز الحساب الجاري في حدود 1.4 في
المئة من الناتج اإلجمالي الوطني حسب البنك المركزي.
وكانت التحويالت التي حصل عليها المغرب من الدول الخليجية ساهمت إلى غاية شهر ماي الماضي في تعزيز إيرادات
الحسابات الخاصة بالخزينة العامة للمملكة التي وصلت لحوالي 4 مليارات دوالر.

سبق أن أشار البنك المركزي المغربي إلى إمكانية عدم تجديد االتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي حيث خفض
توقعاته لرصيد النقد األجنبي في 2019 مقارنة بالعام الحالي. و حسب تقرير لمكتب الصرف التابع لوزارة االقتصاد و
المالية فان هبات الدول الخليجية قد مثلت في العام ما قبل الماضي نسبة 68 في المئة من مجمل الهبات التي تلقتها
المملكة المغربية.

-تأثر القتصاد المغربي
تطورت الستثمارات الخليجية في المغرب في الفترات الأخيرة لذلك حاول المغرب عدم االنحياز ألي طرف من األطراف
خالل أزمة الحصار للحفاظ على الستثمارات القطرية من جهة و الستثمارات السعودية الإماراتية البحرينية من جهة
أخرى.
فالإستثمارات القطرية بالمغرب شهدت تطورا ملحوظا في السنوات األخيرة و حجم التعاون المغربي القطري عرف
ازدهارا هو األخر. و في الجهة األخرى تبقى السعودية احد أهم الشركاء االستثماريين للمغرب و حسب تقرير سابق
لمجلس الأعمال المغربي السعودي فان حجم الإستثمارات السعودية بالمغرب تخطى حاجز 15 مليار لاير سعودي و
شمل قطاعات زراعية و صناعية مختلفة .
لكن و بعد أزمة الخليج و موقف المغرب الحيادي و أمام تقلص حجم الهبات المقدمة من مجلس التعاون الخليجي
للمغرب يبقى الإقتصاد المغربي مهددا خاصة بعد التحذيرات التي أعلنت عنها دول الحصار لشركائها الذين ال يزالون
يتعاملون اقتصاديا مع قطر مؤكدة أنها ستقوم بوضع هؤالء الشركاء أمام اختيارين إما التعامل معها أو مع الدوحة.
و توقعت المندوبية السامية للتخطيط تراجعا في النمو االقتصادي بنسبة 8.2 في المئة خالل السنة الجارية مقابل 4 في
المئة التي سجلها سنة 2017.
و بخصوص الطلب الداخلي يتوقع أن يصل حجمه إلى 7.2 في المئة خالل العام الجاري بدل 2.3 في المئة سنة 2017
لتستقر مساهمته في النمو في حدود 3 نقاط عوض 6.3 نقطة السنة الماضية.

-تقلص الهبات هل بسبب أزمة النفط أم حصار قطر
يرجع بعض المحللين تراجع الهبات الخليجية المخصصة للمغرب إلى تراجع عائدات النفط بهذه الدول و خاصة
السعودية. لكن العديد من المتتبعين للشأن المغربي يرى أن هذا التراجع سببه الموقف المغربي الحيادي من قضية
الحصار على قطر.
و تباطأت و تيرة تحويل مساعدات دول مجلس التعاون الخليجي إلى المغرب منذ منتصفة سنة 2014 أين بدأت أسعار
النفط تتراجع في السوق الدولية. لكن هذا التباطؤ بدا واضحا خالل العام الجاري خاصة بعد موقف المغرب من أزمة
الحصار المفروض على الدوحة.
و كان المغرب مع بدء الحصار على قطر في يونيو 2017 أعلن البقاء على الحياد و لعب دور الوساطة لحل األزمة
حيث دعا الملك محمد السادس األطراف المعنية إلى التحلي بالحكمة و ضبط النفس للتخفيف من التوتر من اجل الخروج
بحل لالزمة.
و قام المغرب بعد فرض الحصار من الدول الخليجية على الدوحة بإرسال طائرة محملة بالمواد الغذائية إلى قطر خالل
شهر رمضان المبارك و ما يقتضيه هذا الشهر الكريم من تآزر و تكافل بين الشعوب الإسلامية.

 

ص.م: يوسف العيرجي

إعلان

قد يعجبك ايضا

أضف تعليقاً

Back to top button
Close
Close