سياسة

سوريا الجديدة تقطع “جسر إيران”: نهاية شبكة التهريب إلى حزب الله

في تحوّل استراتيجي يعكس تغيّراً جذرياً في موازين القوى داخل سوريا، شرعت الحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، في تفكيك آخر ما تبقّى من شبكة التهريب الإيرانية التي كانت تمتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية لبيروت عبر الأراضي السورية، في ما عرف لعقود بـ”الجسر البري” الذي مكّن طهران من مدّ حلفائها، وعلى رأسهم حزب الله، بالسلاح والأموال والمخدرات.

وحسب تقرير ميداني نشرته صحيفة واشنطن بوست، فقد دخلت قوات الجيش السوري في اشتباكات مباشرة مع مسلحين موالين لحزب الله في منطقة “حوش السيد علي” على الحدود اللبنانية السورية، بعد محاولات الجيش إغلاق مسارات تهريب كانت تُستخدم لإدخال الأسلحة والطائرات المسيّرة ومادة الكبتاغون نحو لبنان. ويقود هذه العمليات العقيد ماهر زيواني، أحد أبرز قادة الجيش السوري في المنطقة الحدودية، الذي لا يُخفي انعدام ثقته في القوات اللبنانية لحماية الشريط الحدودي، قائلاً: “ثقتنا صفر”.

المعارك الأخيرة كشفت النقاب عن حجم الترسانة التي كانت تُخزّن في مدن سورية مثل القصير وتدمر، حيث تحوّلت مناطق صناعية بالكامل إلى مستودعات صواريخ ومخازن ذخيرة إيرانية. في مدينة القصير وحدها، رُصدت منشآت تمتد على مساحة تعادل 50 ملعب كرة قدم، كانت تُستخدم لتخزين الأسلحة، فيما تم العثور على طائرات مسيّرة وصناديق ذخيرة وأدوات تدريب داخل مدارس حوّلتها ميليشيا حزب الله إلى قواعد عسكرية مغلقة.

ورغم طرد نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي وسقوط عدد من قواعد الميليشيات الموالية لإيران، إلا أن التهديد الإيراني لم ينتهِ بعد. التقرير ذاته يشير إلى محاولات إيرانية مستمرة لإبقاء قنوات التهريب مفتوحة عبر التعاون مع شبكات إجرامية محلية وحتى مجموعات سُنية متطرفة، بما فيها بقايا تنظيم “داعش”، بهدف زعزعة الاستقرار وضرب جهود الحكومة الجديدة.

الاتهامات السورية لم تقف عند حزب الله، بل امتدت إلى الحرس الثوري الإيراني، الذي تُتهم عناصره بالتورط في دعم مجموعات تخريبية داخل سوريا، إلى جانب تدريب مسلحين من جبهة البوليساريو – في خطوة أثارت قلقاً مغربياً ودولياً واسعاً.

اللافت أن السلطات السورية الجديدة لم تكتفِ بإغلاق المعابر البرية، بل حظرت أيضاً مرور الرحلات الجوية الإيرانية عبر أجوائها، واعتقلت خلايا تعمل على تهريب الأسلحة لصالح طهران. كما ساهمت الضغوط الأمنية المتصاعدة من جانب الجيش الأردني والسلطات اللبنانية في خنق ممرات التهريب التي طالما استعصت على الرقابة.

ومع انكشاف دور إيران التخريبي في سوريا، تبدو الحكومة السورية الجديدة في طريقها لتصفية نفوذ طهران من الأراضي السورية بشكل كامل. فهل تكتب دمشق اليوم نهاية طويلة الأمد لـ”زمن الوصاية الإيرانية”؟ وهل يُمثّل هذا التحول بداية توازن إقليمي جديد في الشرق الأوسط؟

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close