سياسة

“بوريطة في باريس… عندما تتكلم الدبلوماسية بلغة الشراكة الملكية”

لا تأتي زيارات وزير الشؤون الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، صدفة. ولا تُقرأ ضمن مجرّد أجندة دبلوماسية باردة. فحين تحطّ طائرته اليوم بالعاصمة الفرنسية، فإنها لا تنقل فقط مسؤولاً حكومياً، بل تحمل رسائل مشفّرة بخط ملكي، وتوقيعات تاريخية لم تُكتب على الورق فحسب، بل رُسمت في خريطة المصالح المشتركة بين الرباط وباريس.

دعوة وجهها جان نويل بارو، وزير الخارجية الفرنسي، ولم تمرّ مرور الكرام. لأن ما يجمع الرباط بباريس لم يعد مجرد صداقة تقليدية، بل شراكة وُصفت بـ”الاستثنائية”، وجرى تثبيتها بوضوح نادر في إعلان مشترك وقّعه جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والرئيس إيمانويل ماكرون، في لحظة لم تكن عادية من عمر العلاقات الثنائية.

زيارة بوريطة ليست إذن بروتوكولاً دبلوماسياً بقدر ما هي خطوة في درب طويل من إعادة هندسة العلاقات. فالرباط تريد أن تُسمع صوتها، لا بل أن تفرض إيقاعها الجديد في العلاقات مع الحلفاء التقليديين. وإيقاع المغرب اليوم مختلف، لأنه ينبض بثقة الدولة الصاعدة، لا بمنطق التابع.

في كواليس الإليزيه، كثير من الملفات تنتظر أن تخرج من رف الانتظار إلى طاولة التفعيل. من قضية الصحراء المغربية، إلى التعاون الاقتصادي، فالهجرة، وصولاً إلى رهانات أمن الساحل، حيث المغرب بات فاعلاً مركزياً لا يمكن تجاهله.

فرنسا، التي بدأت تُدرك أن زمن “الوصاية الناعمة” قد ولّى، تجد نفسها أمام شريك مغربي يُفاوض من موقع قوة، ويطالب بعلاقات متوازنة لا تقوم على المجاملات، بل على المصالح الصريحة.

وما بين ابتسامات البروتوكول وحدّة الملفات، سيكون بوريطة في مهمّة من طراز خاص، حيث الكلمات يجب أن تُوزن بدقة، لأن الزمن السياسي بين الرباط وباريس لا يتحمّل ارتباكاً جديداً.

باريس تنتظر، والمغرب لا يراهن على أحد، لكنه يفتح الأبواب لمن يُتقن لغة الشراكة بلا ازدواجية.

وهذا ما يجعل زيارة اليوم، ليست مجرّد لقاء بين وزيرين، بل لحظة اختبار لحقيقة إعلان الشراكة الذي كُتب باسم الملك والرئيس.

إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button
Close
Close