مجتمع

البنيات التحتية في المغرب… رؤية ملكية طموحة ترسخ الريادة الإقليمية

 يشهد المغرب منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس عرش المملكة، تحولات عميقة ونوعية في مجال البنيات التحتية، مكنته من تعزيز تموقعه كمركز إقليمي استراتيجي للربط والتبادل والتنافسية على المستويين القاري والدولي.
فبفضل رؤية ملكية استباقية وشاملة، تضاعفت المشاريع الكبرى التي طالت مختلف مكونات البنية التحتية، من موانئ ومطارات، إلى طرق وسكك حديدية ومنصات لوجستيكية، لتشكل بذلك دعامة قوية للنمو الاقتصادي والاندماج المجالي والاجتماعي، كما تعزز دور المغرب كجسر بين إفريقيا وأوروبا والعالم.
مشاريع مهيكلة بعمق استراتيجي
أكدت ناديا كالفينيو، رئيسة البنك الأوروبي للاستثمار، أن هذه الدينامية التنموية تندرج ضمن نموذج استراتيجي شامل يقوده جلالة الملك، يرتكز على التخطيط بعيد المدى، والنمو الشامل، والتحول البيئي. وجددت دعم مؤسستها لرؤية الملك محمد السادس في تطوير بنية تحتية خضراء، مرنة ومستدامة، تعزز تموقع المملكة في خريطة الاقتصاد الأخضر العالمي.
 طنجة المتوسط…واجهة بحرية عالمية
أبرز مثال على هذه الطفرة النوعية يتمثل في المركب المينائي طنجة المتوسط، الذي تحول في ظرف سنوات قليلة إلى أول ميناء في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط من حيث معالجة الحاويات، متجاوزا سقف 10 ملايين حاوية سنوياً سنة 2024. وقد أصبح هذا القطب اللوجستي والصناعي المتكامل، الذي يحتضن أزيد من 1100 مقاولة، منصة جذابة للاستثمار الدولي ورمزاً لنجاح الرؤية الملكية في مجال الاقتصاد المينائي.
وبالموازاة، يواصل مشروع ميناء الداخلة الأطلسي خطواته الثابتة نحو تمكين الأقاليم الجنوبية من واجهة بحرية استراتيجية تدعم التنمية الاقتصادية، وتوطد الروابط مع دول إفريقيا الغربية. أما ميناء الناظور غرب المتوسط، فينتظر أن يعزز المنظومة المينائية الوطنية بمرونة إضافية، خاصة في ظل تطور الأنشطة الصناعية بمنطقة الشرق.
 شبكة طرق حديثة لربط فعال
على مستوى النقل الطرقي، حققت المملكة قفزة هائلة، إذ انتقلت من أقل من 100 كيلومتر من الطرق السيارة سنة 1999 إلى أزيد من 1850 كيلومتراً اليوم. وتمكنت بذلك من الربط الفعال بين الأقطاب الحضرية والصناعية، كما أن مشاريع مثل الطريق الالتفافي للدار البيضاء ومحور الرباط-الدار البيضاء والطريق السيار جرسيف-الناظور، تؤكد استمرار هذا الزخم.
وتكمل الطرق القروية هذه الطفرة من خلال فك العزلة عن آلاف الدواوير، مما ساهم في تحسين الاندماج الترابي والولوج إلى الخدمات الأساسية.
مطارات عصرية تواكب النمو السياحي والاقتصادي
في قطاع الطيران، واصل المغرب استثماراته في تحديث وتوسيع البنيات المطارية. فقد شهدت مطارات كبرى، من بينها محمد الخامس، مراكش المنارة، وأكادير المسيرة، أعمال توسعة وتحديث لرفع الطاقة الاستيعابية وتحسين جودة الخدمات.
وفي هذا السياق، تهدف خطة “مطارات 2030” إلى الرفع من القدرة الاستيعابية للمطارات من 30 إلى 80 مليون مسافر سنوياً، استعداداً للرهانات الكبرى، وعلى رأسها استضافة مونديال 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال.
 القطار فائق السرعة…رمز التحديث والانفتاح
مشروع “البراق”، القطار فائق السرعة الذي دشنه جلالة الملك سنة 2018، يمثل سابقة على الصعيد الإفريقي. فبفضل هذا الخط، تقلصت مدة الرحلة بين طنجة والدار البيضاء إلى ساعتين وعشر دقائق، مما ساهم في تطوير الربط الوطني وتسهيل تنقل الأفراد.
وبعد نجاح هذا المشروع، أُطلق مشروع تمديد الخط نحو مراكش مرورا بالقنيطرة، ما يعكس التوجه الاستراتيجي لبناء شبكة سككية فائقة السرعة، تدعم التنافسية الاقتصادية وتعمق التكامل المجالي.
 إشادة دولية وتموقع إقليمي رائد
تحصد المملكة اليوم ثمار هذه الاستثمارات الهيكلية من خلال تصنيفات دولية إيجابية تضعها في صدارة البلدان الإفريقية من حيث جودة البنية التحتية، والأداء اللوجستي، والربط الطرقي والمينائي.
ويعد هذا النموذج المتكامل، الذي يجمع بين الحداثة والمردودية والاستدامة، ثمرة قيادة ملكية حكيمة ترى في البنيات التحتية رافعة حقيقية لتحقيق تنمية شاملة، مندمجة وتنافسية، تفتح آفاقاً واسعة للأجيال الحالية والمستقبلية.
بفضل هذا الرصيد المتنامي من المشاريع المهيكلة، يواصل المغرب ترسيخ مكانته كقوة لوجستيكية صاعدة على ضفتي المتوسط، وكشريك موثوق في جهود الربط القاري والعالمي، متقدماً بخطى واثقة نحو المستقبل.
فاطمة الزهراء الجلاد.
إعلان

قد يعجبك ايضا

Back to top button